تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٩
.
وقال ج: (أبغض الحلال عند الله الطلاق)، وقال ج: (إن الله يبغض كل مطلاق مذواق).
فلما قال رسول الله هذا ظنوا أنهم يأثمون في ذلك فأخبر الله تعالى أنه لا جناح في تطليق النساء إذا كان على الوجه المندوب، فربما كان الفراق أروح من الإمساك، وقيل: معنى قوله " * (لا جناح عليكم) *) أي لا سبيل عليكم للنساء إن طلقتموهن ما لم تمسوهن ولم تكونوا فرضتم لهن فريضة في أتباعكم بصداق ولا نفقة.
وقيل: معناه " * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) *) في أي وقت شئتم لأنه لا سنة في طلاقهن، فللرجل أن يطلقهن إذا لم يكن مسهن حائضا أو طاهرا، وفي كل وقت أحب، وليس كذلك في المدخول بها لأنه ليس لزوجها طلاقها إن كانت من أهل الأقراء إلا العدة ظاهرا في طهر لم يجامعها فيه، فإن طلقها حائضا آيسا وقع الطلاق.
" * (ومتعوهن) *) أي زودوهن وأعطوهن من مالكم ما يتمتعن به، والمتعة والمتاع ما تبلغ به من الزاد " * (على الموسع) *) أي الغني " * (قدره وعلى المقتر) *) الفقير " * (قدره) *) أي إمكانه وطاقته، قرأ أبو جعفر وحفص وحمزة والكسائي وخلف وابن ذكوان بفتح الدال فيهما، واختاره أبو عبيدة قال: لما فيهما من الفخامة، وقرأ الآخرون بجزم الدال فيهما واختاره أبو حاتم وهما لغتان، قال: نطق بهما القرآن فتصديق الفتح قوله: " * (فسالت أودية بقدرها) *) وتصديق الجزم قوله: " * (وما قدروا الله حق قدره) *) تقول العرب: القضاء والقدر، وقال أبو يزيد الأنصاري: القضاء والقدر بتسكين الدال، وقال الشاعر وهو الفرزدق:
وما صب رملي في حديد مجاشع مع القدر إلا حاجة لي أريدها وقال بعضهم: القدر المصدر والقدر الاسم " * (متاعا) *) نصب على المصدر أي متعوهن متاعا، ويجوز أن يكون نصبا على القطع لأن المتاع نكرة والقدر معرفة " * (بالمعروف) *) أي ما أمركم الله به من غير ظلم ولا مطل " * (حقا) *) نصب على الحكاية تقديره: أخبركم حقا، وقيل على القطع.
حكم الآية قال المفسرون: قيل: هذا في الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا فطلقها قبل أن يمسها فلها المتعة ولا فريضة لها بإجماع العلماء، واختلفوا في متعة المطلقة فيما عدا ذلك، فقال قوم: لكل مطلقة متعة كائنة من كانت وعلى أي وجه وقع الطلاق، فالمتعة واجبة تقضى لها
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»