تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
من عرض الشيء وهو جانبه يقال: أضرب به عرض الحائط كأنه يحوم حوله ولا يظهره، وتعريض الخطبة المذكورة في هذه الآية على ما جاء في التفسير هو أن يقول لها وهي في العدة: إنك لجميلة، وإنك لصالحة، وإنك لنافعة، وإن من عزمي أن أتزوج، وإني فيك لراغب، وإني عليك لحريص، ولعل الله أن يسوق إليك خيرا، وإن جمع الله بيننا بالحلال أعجبني، ولئن تزوجتك لأعطيتك ولأحسن إليك ونحوها من الكلام من غير أن يقول لها: انكحي.
قال إبراهيم: لا بأس أن يهدي لها ويقوم بشغلها في العدة إذا كانت من شأنه.
وروى ابن عوف عن محمد عن عبيدة في هذه الآية قال: يقول لوليها لا سبقني إليها. قال مجاهد قال رجل لامرأة في جنازة زوجها: لا تسبقيني بنفسك، فقالت: قد سبقت، وروى ابن المبارك عن عبد الرحمن بن سليمان عن خالته، أن سكينة بنت حنظلة قالت: دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي فقال: يا بنت حنظلة، أنا من قد علمت من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق جدي علي وقدمه في الإسلام، فقالت: غفر الله لك يا أبا جعفر، أتخطبني في عدتي وأنت يؤخذ عنك؟ فقال: أو لقد فعلت إنما أجرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي، قد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وكانت عند ابن عمها أبي سلمة وتوفي عنها زوجها، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر لها منزلته من الله وهو متحامل على يده حتى أثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده فما كانت تلك خطبة.
وقال ابن يزيد في هذه الآية: كان أبي يقول: كل شيء كان دون أن يعزما عقدة النكاح فهو زنا، قال الله عز وجل " * (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) *) والخطبة التماس النكاح، وهو مصدر قولك: خطب الرجل المرأة يخطبها خطبة وخطبا.
وقال قوم: هي مثال الجلسة والقعدة والركبة، ومعنى قولهم خطب فلان فلانة: سألها خطبة إلى ما في نفسها أي حاجاته وأمره من قولهم ما خطبك أي حاجتك وأمرك، قال الله " * (فما خطبك يا سامري) *) وقال الأخفش: الخطبة: الذكر، والخطبة المشهد، فيكون معناه: فيما عرضتم به من تخطبون النساء عندهن " * (أو أكننتم) *) أسررتم وأضمرتم " * (في أنفسكم) *) في خطبتهن وزواجهن، يقال: كننت الشيء وأكننته لغتان، وقال ثعلب: أكننت الشيء خفيته في نفسي وكننته سترته، وقال السدي: هو أن يدخل فيساويهن إن شاء ولا يتكلم بشيء.
" * (علم الله أنكم ستذكرونهن) *) بقلوبكم، وقال الحسن: يعني الخطبة " * (ولكن لا تواعدوهن) *) بيوم، قال بعضهم: هو الزنا وكان الرجل يدخل على المرأة من أجل الريبة وهو يعرض بالنكاح فيقول لها: دعيني فإذا وفيت عدتك أظهرت نكاحك، فنهى الله تعالى عن ذلك،
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»