تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٣
قوم: هو وارث الصبي، معناه: وعلى وارث الصبي الذي لو مات الصبي وله خال ورثه، مثل الذي كان على أبيه في حياته.
ثم اختلفوا أي وارث هو من ورثته؟ فقال بعضهم: هو عصبته كائنا من كان من الرجال دون النساء، مثل الجد والأخ وابن الأخ والعم وابن العم ونحوهم، وهو قول عمر (رضي الله عنه) والزهري والحسن ومجاهد وعطاء ومذهب سفيان، قال: إذا لم يبلغ نصيب الصبي ما ينفق عليه أجرت العصبة الذين يرثونه أن يسترضعوه.
قال ابن سيرين: أتى عبد الله بن عتبة في رضاع صبي يتيم ومنعه وليه؛ فجعل رضاعه في ماله، وقال لوارثه: لو لم يكن له مال لجعلنا رضاعه في مالك، ألا ترى أن الله عز وجل يقول " * (وعلى الوارث مثل ذلك) *)؟ قال الضحاك: إن مات أب الصبي وللصبي المال أخذ رضاعه من المال، وإن لم يكن له مال أخذ من العصبة، وإن لم يكن للعصبة مال أجرت عليه أمه.
وقال بعضهم: هو ويرث الصبي كائنا من كان من الرجال والنساء، وهو قول قتادة والحسن بن صالح وابن أبي ليلى ومذهب أحمد وإسحاق وأبي ثور قالوا: يجبر على نفقته كل وارث على قدر ميراثه، عصبة كانوا أو غيرهم.
وقال بعضهم: هو من كان ذا رحم محرم من ورثة المولود؛ فمن لم يكن بمحرم مثل ابن العم والمولى وما أشبههما فليسوا ممن عناهم الله بقوله " * (وعلى الوارث مثل ذلك) *) وإن كانوا من جملة العصبة لا يجبرون على النفقة، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، قال: لا يجبر على نفقة الصبي إلا ذو رحمه المحرم، وقال آخرون " * (على الوارث مثل ذلك) *) يعني الصبي نفسه الذي هو وارث أبيه المتوفى فإن عليه أجر رضاعه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال أجبر أمه على رضاعه، ولا يجبر على نفقة الصبي إلا الوالدان، وهو قول مالك والشافعي.
وقيل: هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر منهما عليه مثل ذلك، يعني: مثل ما كان على الأب من أجر الرضاع والنفقة والكسوة، قاله أكثر العلماء، وقال الشعبي والزهري: " * (وعلى الوارث مثل ذلك) *) يعني أن لا يضار.
" * (فإن أرادا) *) يعني الوالدان " * (فصالا) *) فطاما قبل الحولين وأصل الفصل القطع " * (عن تراض منهما) *) جميعا به واتفاقا عليه " * (وتشاور) *) وهو استخراج الرأي، وأصله من شرت الدابة وشورتها إذا استخرجت ما عندها من (الغدد) ويقال لعلم ذلك: المشوار.
" * (فلا جناح عليهما وإن أردتم) *) أيها الآباء " * (أن تسترضعوا أولادكم) *) مراضع غير أمهاتهم إذا أبين مراضاتهم أن يرضعنه، أو لعلة بهن أو انقطاع لبنهن، أو أردن النكاح، أو خفتم الضيعة على أولادكم " * (فلا جناح عليكم إذا سلمتم) *) إلى أمهاتهم أجرهن بقدر ما أرضعن، وقيل
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»