تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
الإلزام، قال الشاعر:
تكلفني معيشة آل فهر ومن لي بالصلائق والصناب والوسع ما يسع الإنسان فيطيقه ولا يضيق عليه، وهو اسم كالجهد والوجد، وقيل: الوسع يعني الطاقة، ورفع (النفس) باسم الفعل المجهول لأنه وضع موضع الفاعل، وانتصب (الوسع) بخبر الفعل المجهول، لأنه أقيم مقام المفعول، نظيرها في سورة الطلاق.
" * (لا تضار والدة بولدها) *) قرأ ابن محجن وابن كثير وشبل وأبو عمرو وسلام ويعقوب وقتيبة برفع الراء مشددة وأجازه أبو حاتم على الخبر مسبوقا على قوله " * (لا يكلف الله) *) وأصله فلا يضارر فأدغمت الراء في الراء، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكناني وخلف " * (ولا تضار) *) مشددة منصوبة الراء، واختاره أبو عبيد على النهي وأصله لا تضارر فأدغمت وحركت إلى أخف الحركات وهو النصب، ويدل عليه قراءة عمر: لا تضارر على إظهار التضعيف، وقرأ الحسن: لا تضار براء مدغمة مكسورة لأنها لما أدغمت سكنت، وبجزمه تحرك إلى الكسر، وروى أبان عن عاصم: لا تضارر مظهرة مكسورة على أن الفعل لها، وقرأ أبو جعفر لا تضار بجزم الراء وتخفيفه على الحذف طلبا للخفة.
ومعنى الآية " * (لا تضار والدة بولدها) *) فينزع الولد منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه وألفها الصبي " * (ولا مولود له بولده) *) ولا تلقيه هي إلى أبيه بعد ما عرفها تضاره بذلك.
وقيل: معناه " * (لا تضار والدة) *) فيكرهها على الرضاعة إذا قبل من غيرها، وكرهت هي إرضاعه؛ لأن ذلك ليس بواجب عليها " * (ولا مولود له بولده) *) فيحمل على أن يعطي الأم إذا لم يرضع الولد إلا منها أكثر مما يحب لها عليه، فهذان القولان على مذهب الفعل المجهول على معنى أنه يفعل ذلك بها وبوالده والمولود له مفعولان، وأصل الكلمة يضار بفتح الراء الأولى، ويحتمل أن يكون الفعل لهما، وأن يكون تضار على مذهب ما قد سمي فاعله، والمعنى: لا يضار والده فتأبى أن ترضع ولدها لتشق على أبيه ولا مولود له، ولا يضار الأب أم الصبي فيمنعها من إرضاعه وينزعه منها، وعلى هذا المذهب أصله لا يضارر بكسر الراء الأولى، وعلى هذه الأقوال يرجع الضرار إلى الوالدين بضر كل واحد منهما صاحبه بسبب الولد.
ويجوز أن يكون الضرار راجعا إلى الصبي أي لا يضار كل واحد منهما الصبي، فلا ترضعه الأم حتى يموت، أولا ينفق عليها الأب أو ينزعه من أمه حتى يضر بالصبي وبكون الياء زائدة معناه: لا تضار الأم ولدها ولا أب ولده، وكل هذه الأقاويل مروية عن المفسرين.
" * (وعلى الوارث مثل ذلك) *) اختلف أهل الفتاوى فيه أي وارث هو؟ ووارث من هو؟ فقال
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»