تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) *) " * (فإن طلقها) *) زوجها الثاني أو مات عنها بعد ما جامعها " * (فلا جناح عليهما) *) يعني على المرأة المطلقة وعلى الزوج الأول " * (أن يتراجعا) *) بنكاح جديد، فذكر النكاح بلفظ التراجع " * (إن ظنا) *) علما، وقيل: رجوا، قالوا: ولا يجوز أن يكون بمعنى العلم لأن أحدا لا يعلم ما هو كائن إلا الله عز وجل " * (أن يقيما حدود الله) *) يعني ما بين الله من حق أحدهما على الآخر، ومحل (أن) في قوله " * (أن يتراجعا) *) نصب بنزع حرف الجر أي في أن يتراجعا، وفي قوله " * (أن يقيما) *) نصب بوقوع الظن عليه.
وقال مجاهد: ومعناه إن علما أن نكاحهما على غير دلسة، وأراد بالدلسة التحليل، هذا مذهب سفيان والأوزاعي ومالك وأبي عبيدة وأحمد وإسحاق، قالوا في الرجل يطلق امرأته ثلاثا فتزوج زوجا غيره ليحلها لزوجها الأول: إن النكاح فاسد، وكان الشافعي يقول: إذا تزوجها ليحلها فالنكاح ثابت إذا لم يشترط ذلك في عقد النكاح مثل أن يقول: أنكحك حتى أصيبك فتحلي لزوجك الأول، فإذا اشترط هذا فالنكاح باطل، وما كان من شرط قبل عقد النكاح فلا يفسد النكاح.
وقال نافع أتى رجل ابن عمر فقال: إن رجلا طلق امرأته ثلاثا، فانطلق أخ له من غير مراجعة فتزوجها ليحلها للأول فقال: لا، إلا بنكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ج: (لعن الله المحلل والمحلل له).
عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على التيس المستعار؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (هو المحلل والمحلل له).
قبيصة بن جابر الأسدي، قال: سمعت عمر بن الخطاب يخطب وهو على المنبر: والله لا أوتى بمحلل ولا بمحلل له إلا رجمتها.
" * (وتلك حدود الله يبينها) *) روى المفضل وأبان عن عاصم بالنون " * (لقوم يعلمون وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) *) نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار، طلقت امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة وكادت تبين منه، راجعها ثم طلقها، ففعل بها ذلك حتى مضيت لها تسعة أشهر مضارة لها بذلك، ولم يكن الطلاق يومئذ محصورا، وكان إذا أراد الرجل أن يضار امرأته طلقها ثم تركها حتى تحيض الحيضة الثالثة، ثم راجعها ثم طلقها فتطويله عليها هو الضرار، فأنزل الله تعالى " * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) *) أي أمرهن في أن تبين بانقضاء العدة، ولم يرد إذا انقضت عدتهن لأنها إذا انقضت عدتها لم يكن للزوج إمساكها، فالبلوغ ها
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»