بعضهم: (إلى الذين ظلموا) مخففا يعني مع الذين ظلموا.
ومعنى الآية: لئلا يكون للناس، يعني اليهود عليكم حجة في أمر الكعبة حيث لا يستقبلونها وهي قبلة إبراهيم فيقولون لكم تزعمون إنكم على دين إبراهيم ولم تستقبلوا قبلته ولا للذين ظلموا وهم مشركوا مكة لأنهم قالوا: إن الكعبة قبلة جدنا إبراهيم فما بال محمد تحول عنها فلا يصلي إليها ويصلي إلى قبلة اليهود.
وقال قطرب: معناها إلا على الذين ظلموا فيكون رده على الكاف والميم أي إلا على الذين ظلموا فإن عليهم الحجة فحذف حرف الجر وهذا إختيار أبي منصور الأزهري.
قال الثعلبي: سمعت أبا القاسم الحبيبي يحكيها عنه وحكى محمد بن جرير عن بعضهم إنه قال: " * (إلا الذين ظلموا) *) هاهنا ناس من العرب كانوا يهودا ونصارى وكانوا يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم فأما سائر العرب فلم يكن لهم حجة وكانت حجة من إحتج أيضا داحضة باطلة لأنك تقول لمن تريد أن تكسر حجته عليه: أن لك علي حجة ولكن منكسرة إنك لتحتج بلا حجة وحجتك ضعيفة، فمعنى الآية: " * (إلا الذين ظلموا منهم) *) من أهل الكتاب فإن لهم عليكم حجة واهية.
" * (ولا تخشوهم) *) في انصرافكم إلى الكعبة وفي تظاهرهم عليكم في المحاجة والمجاوبة فاني وليكم أظهركم عليهم بالحجة والنصرة.
" * (واخشوني) *) في تركها ومخالفتها.
" * (ولأتم نعمتي عليكم) *) عليكم عطف على قوله " * (لئلا يكون للناس عليكم حجة) *) ولكن أتم نعمتي بهدايتي اياكم إلى قبلة إبراهيم فتتم لكم الملة الحنيفية وقال علي (كرم الله وجهه): تمام النعمة: الموت على الإسلام، وروي عنه أيضا إنه قال: النعم ستة: الإسلام والقرآن ومحمد والستر والعافية والغنى مما في أيدي الناس.
" * (ولعلكم) *) في لعل ست لغات: عل ولعل ولعن وعن ولعا.
ولها ستة أوجه هي من الله عز وجل واجب، ومن الناس على معاني قد تكون بمعنى الاستفهام كقول القائل: لعلك فعلت ذلك مستفهما.
وتكون بمعنى الظن كقول القائل: قدم فلان فرد عليه الراد: لعل ذلك.
بمعنى أظن وأرى ذلك.
وتكون بمعنى الإيجاب بمنزلة ما أخلقه كقوله: قد وجبت الصلاة فيرد الراد: لعل ذلك أي ما أخلقه.
وأنشد الفراء