تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٨
بقراءة ابن عباس وأنس وشهر بن حوشب وابن سيرين: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما بإثبات لا، وكذلك هو في مصحف عبد الله والجواب عنه أن (لا): زيادة صلة كقوله " * (ما منعك ألا تسجد) *)، وكقوله " * (أنهم لا يرجعون) *)، و " * (لا أقسم) *)، وقال الشاعر:
فلا ألوم البيض آلا تسخرا لما رأين الشمط القفندرا فأركان رسم المصحف كذلك لم يكن فيه (تمجح) حجة مع احتمال الكلام ما وصفناه فكيف وهو خلاف رسوم الشيخ الإمام ومصاحف الإسلام.
ثم الدليل على إن السعي بينهما واجب وعلى تاركه أعادة الحج ناسيا تركه أو عامدا بظاهر الأخبار. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وأمر به.
روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: لما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفا في حجته قال: (إن الصفا والمروة من شعائر الله إبدءوا بما بدء الله به فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت ثم مشى حتى إذا تصوبت قدماه في الوادي سعى).
وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لعمري ما حج من لم يسع بين الصفا والمروة، مفروض في كتاب الله والسنة، قال الله تعالى: " * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) *).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس كتب عليكم السعي فاسعوا).
قال كليب: رأى ابن عباس قوما يطوفون بين الصفا والمروة فقال: هذا ما أورثتكم أمكم أم إسماعيل انطلقت حين عطش ابنها وجاع فوجدت الصفا أقرب جبل إلى الأرض فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الوادي، ورفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة وقامت عليها تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات.
وقال محمد: حج موسى صلى الله عليه وسلم على جبل أحمر وعليه عبائتان قطرانيتان فطاف بالبيت ثم صعد الصفا ودعا ثم هبط إلى السعي وهو ملبي فقال: لبيك اللهم لبيك، فقال الله عز وجل لبيك عبدي وأنا معك، فخر موسى ساجدا.
" * (ومن تطوع خيرا) *) قرأ حمزة والكسائي تطوع بالتاء وتشديد الطاء وجزم العين وكذلك التاء في بمعنى يتطوع واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتبارا بقراءة عبد الله ومن تطوع بالتاء.
وقرأ الباقون: تطوع بالتاء وضعف العين على المضي
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»