تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٩
نعمتي عليكم: ببيان شرائع ملتكم الحنيفية وأهديكم لدين خليلي إبراهيم.
" * (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم) *) يعني فكما أجبت دعوته بانبعاث الرسول كذلك أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وهذا على قول من يجعله متصلا بما قبلها وجوابا للآية الأولى وهو إختيار الفراء.
وقال بعضهم: إنها متعلقة بما بعدها وهو قوله " * (فاذكروني أذكركم) *) تقديرها: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم فاذكروني أذكركم فيكون جزأ له جوابان مقدم ومؤخر كما تقول: إذا جاءك فلان فآته ترضه. فقوله: فآته وترضه جوابان لقوله إذا جاءك وكقولك: إن تأتني أحسن إليك أكرمك وهذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل والأخفش وابن كيسان واختيار الزجاج، وهذه الآية خطاب للعرب وأهل مكة يعني: كما أرسلنا فيكم يا معشر العرب رسولا منكم محمد صلى الله عليه وسلم " * (يتلوا عليكم آياتنا) *) يعني القرآن.
" * (ويزكيكم) *) أي يعلمون من الأحكام وشرائع الإسلام.
" * (فاذكروني أذكركم) *) قال ابن عباس: أذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي بيانه قوله: " * (والذين جاهدوا فينا) *) الآية.
سعيد بن جبير: " * (اذكروني) *) بطاعتي أذكركم بمغفرتي بيانه " * (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) *).
فضيل بن عياض: فاذكروني بطاعتي أذكركم بثوابي بيانه " * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن) *) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم (من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن).
وقيل: اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالجنات والدرجات بيانه: " * (وبشر الذين آمنوا... إلى جنات) *).
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كفى بالتوحيد عبادة وكفى بالجنة ثوابا.
ابن كيسان: اذكروني بالشكر أذكركم بالزيادة: بيانه قوله " * (لئن شكرتم لأزيدنكم) *).
وقيل: اذكروني على ظهر الأرض أذكركم في بطنها.
قال الأصفي: رأيت أعرابيا واقفا يوم عرفة بالموقف وهو يقول: ضجت إليك الأصوات
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»