وقال الجنيد - رحمة الله عليه -: مثل فضل الله على عباده مثل غيث السماء انزله أحيا به ميت الاراضين كذلك يحيي الله بالسنة الحكمة ما مات في قلوب أهل الغفلة وهو قوله: * (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى) * أي لمحيي الأنفس الميتة بالشهوات والقلوب الميتة بالغفلة بأنوار معرفته وآثار هدايته.
قوله تعالى: * (فإنك لا تسمع الموتى) * [الآية: 52].
قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: لن يسمع دعاءك إلا من اسمعناه في الأزل خطابنا ووفقناه لجواب الخطاب على الصواب فإذا سمع خطابك أجابك بالجواب الأول لأن الخطابين واحد أحدهما بسبب وواسطة والآخر عن المسبب والمشاهدة.
قوله عز وعلا: * (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم) * [الآية: 53].
قال جعفر: إظهار آيات رسالاتك على من أظهره الحق عليه في الأزل آيات السعادة، وحلاه بحلية الاختصاص فيكون دعاؤك له دعاء تذكير فموعظة لا دعاء ابتداء، لأنه من لم تحركه السعادة في الأزل لم يمكنك أن توصله إلى محل السعادة أنت الداعي المنذر والله الهادي ألا تراه يقول: * (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم) *.
قوله عز من قائل: * (الله الذي خلقكم من ضعف) * [الآية: 54].
قال الواسطي - رحمة الله عليه -: خلقه خلقة لا تمكنه أن يجر نفعا ولا يدفع ضرا هذا هو الضعف التام.
قال بعضهم: خلق الخلق ضعيفا أسير جوعة وصريع شبعة ورهين شهوة لا ينفك منها إلا المعصومون.
قوله تعالى: * (فاصبر إن وعد الله حق) * [الآية: 60].
قال رويم: الصبر ترك الشكوى.
قال أبو عثمان: من تحقق بما وعد الله الصابرين من جميل الثواب وحسن العطاء هان عليه الصبر على المكاره ولم يؤلمه المقام عليها.
سمعت أبا الحسين الفارسي يقول: سمعت عباس بن عاصم يقول سمعت الجنيد - رحمة الله عليه - يقول: سمعت حارث المحاسبي - رحمة الله عليه - يقول: الصبر التهدف لسهام البلاء.