وقال أيضا: لو اطلعت عليهم من حيث أنت. لفررت ولو اطلعت عليهم من حيث أنا لوقفت وذلك أن الولي له من الله أحوال على قدر مشاهدته من نظر إليه من عند نفسه من ضعف البشرية يفر من رؤيتهم وقد فر النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار.
قال بعضهم: حين سئل عن الفرق بين أنوار هدايته وأنوار الملائكة؟ فقال: أنوار الملائكة أنوار كراماته وأنوار بني آدم أنوار هدايته وهو نور ظاهر وباطن لذلك وقعت هيبته أكبر فقال: لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا. ولم يكن من أنوار الملائكة عند الحجب فرارا كفرار الشيطان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قوله تعالى: * (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) * [الآية: 19].
قال ابن عطاء: مقام المحب مع الحبيب وإن طال فإنه قصير عنده إذ لا يفضى من حبيبه وطرا ولو مكث دوام الدهر فإن انتهاء شوقه إليه كالإبتداء فانتهاؤه فيه ابتداؤه وأنشد:
(لا أظلم الليل ولا ادعى * أن نجوم الليل ليست ثغور * (ليلى كما شاءت فإن لم تجد * طالت وإن جادت فليلى قصير * قوله تعالى: * (فليأتكم برزق منه وليتلطف) * [الآية: 19].
سمعت جعفر بن أحمد الرازي يقول: أوصى يوسف بن الحسين بعض أصحابه فقال: إذا حملت إلى الفقراء أو أهل المعرفة شيئا واشتريت لهم طعاما فليكن لطيفا، فإن الله وصف أصحاب الكهف حين بعثوا من يشتري لهم طعاما قالوا: وليتلطف وإذا اشتريت للزهاد والعباد. فاشتر كل ما تجده فإنهم بعد في تذليل أنفسهم ومنعها من الشهوات.