تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٣٩٦
قيل: مباسطة الألطاف تنسي الأرواح، ومباشرة الأرواح تظهر عليها الألطاف.
وقيل في قوله: * (قل الروح من أمر ربي) * قال: قارن العلم بالروح لرقة لطافته بحملها لأنها وفي علمه. وتمكن معه بحمله فتفضل بأن جذبها إلى علمه وبلغ منها الحقيقة وليس الكل يعطونها كذى فهي ناطقة بعلم ما علمه فيها ومنها فهي يتزايد جذبها إليه وذلك حين يستولي عليها علمه بها، ونظره إليها فهي به تجول وبه معه تمور.
وقيل: الروح لم تخرج من الكون لأنها لو خرجت من الكون لكان عليها الذل، فقيل: من أي شيء خرجت؟ قال: من بين جماله، وقدس جلاله بملاحظة الإشارة غشاها بجماله، وردها بحسنه واشتملها بسلامه، وحياها بكلامه فهي متقة من ذل الكون.
وسئل أبو سعيد الحداد عن الروح مخلوقة هي، قال: نعم فلولا ذلك لما أقرت بالربوبية حين قال: ' بلى ' والروح هي التي أوقفت على البدن اسم الحياة، والروح ثبت العقل، وبالروح قامت الحجة ولو لم يكن الروح لكان متعطلا يعني العقل ولا حجة له ولا عليه.
وقال ابن عطاء في قوله: * (قل الروح من أمر ربي) * إن الله ستر الروح على جميع خلقه، وستر صفة صفات نفسه، وستر ما يبدو منه، وستر ما يعامل به الخلق عند معاينته إلا أن العلماء اتفقت أنها لطيفة وأنها خلقت قبل الأجسام واختصاصها من بين المخلوقات بكونها في يد ربها حين قال لآدم: اختر إحدى يدي فزاده اختصاص الأخذ لطفا وتقريبا من ذات مالكها فبين به الخلق والأصل أنها مخلوقه لكنها ألطف المخلوقات، وهي أصفى الجواهر وأنورها بها ترى المغيبات وبها يكون الكشف لأهل الحقائق، وإذا حجبت الروح عن ملاقاة النفس دعات الستر أساءت الجوارح الأدب في أوقاتها كذلك صارت الروح بين تحلي واستتار، ونازع وقابض وهي على قرب محلها من ربها وقت أخذها.
وسئل الواسطي رحمه الله عن الأرواح أين كان مكانها حين أظهرها؟ قال: إن الأرواح خلقها وقبضها قبل الأجساد فأين كانت ترى؟ صار ما غاب عيانا، لأن الدنيا والآخرة عند الأرواح سواء، وسئل لأي علة كان محمد صلى الله عليه وسلم أحكم الخلق؟ قال: لأنه خلق روحه أولا، فوقع له صحبة التمكين والاستقرار، ألا ترى يقول ' كنت نبيا وآدم
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»