جبله الله عليها.
قوله تعالى: * (لو أن لي بكم قوة...) * [الآية: 80].
من نفسي لمنعتكم عن معصية ربي، ولكن ألتجىء إلى من يقدر على منعكم منه وصرفكم عنه وهو الحق * (أو آوى إلى ركن شديد) * [الآية: 80].
قيل: آوى إلى حصن حصين، وأمنع حرز، وهو القادر على ذلك كله.
سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا العباس بن عطاء يقول في هذه الآية قال: لو أن لي بكم قوة لو أن المعرفة بيدي لأوصلتها إليكم.
قال بعضهم: لو أن لي جرأة على الدعاء لدعوت عليكم، أو آوى إلى ركن شديد:
من علم الغيب بما أنتم صائرون إليه من سعادة أو شقاوة.
وحكى الشبلي أنه قال في هذه الآية: لو أن النجاة بيدي، وكنت أقوى على هدايتكم لعملت فيها وأصل إلى المعدن الذي تتفصل منه المعرفة لأوصلتكم إليه.
قال الواسطي في قوم لوط صلى الله عليه وسلم: * (لو أن لي بكم قوة) * وقول هود: * (فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون) *.
قال: لوط نطق نطق طبع، وهود عليه السلام نطق عن مشاهدة، لا يرى غيره، ومن عتقته الموارد عن أماكنها هو أدفع ممن أعتقته الشواهد والأعراض.
قوله تعالى: * (وإنك لتعلم ما نريد) * [الآية: 79].
قال الجنيد رحمة الله عليه: سمعت السري رحمة الله عليه يقول: رأيت رب العزة في المنام، فقال يا سري خلقت الخلق، وخلقت الدنيا، فذهب مع الدنيا تسعة أعشار الخلق، وبقي معي العشر، ثم خلقت الجنة، فذهب مع الجنة تسعة أعشار ما بقي، وبقي معي منهم العشر، ثم سلطت عليهم البلاء ففر من البلاء تسعة أعشار ما بقي، وبقي عشر العشر، فقلت: ماذا تريدون لا الدنيا أردتم، ولا الجنة طلبتم، ولا من البلاء فررتم، فأجابوني. فقالوا: إنك تعلم ما نريد. قال: فإني أنزل عليكم من البلاء ما لا يطيق له الرواسي. فقالوا: ألست أنت الفاعل بنا فقد رضينا.