قوله تعالى: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * [الآية: 122].
قال سهل: أفضل الرحل رحلة من الهوى إلى العقل، ومن الجهل إلى العلم، ومن الدنيا إلى الآخرة، ومن الاستطاعة إلى التبري، ومن الحول والقوة والنفس إلى التقوى ومن الأرض إلى السماء، ومن الخلق إلى الله عز وجل.
وقال المرتعش: السياحة والأسفار على ضربين: سياحة لتعليم أحكام الدين وأساس الشريعة وسياحة لآداب العبودية ورياضة الأنفس، فمن رجع عن سياحة الأحكام قام بلسانه يدعو الخلق إلى ربه، ومن رجع من سياحه الأدب والرياضة، قام في الخلق يؤدبهم بأخلاقه وشمائله وسياحة هي سياحة الحق وهي رؤية أهل الحق والتأدب بآدابهم، فهذا بركاته تعم العباد والبلاد، قال عز وجل: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) * الآية.
قوله تعالى: * (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) * [الآية: 123].
قال سهل: النفس كافرة فقاتلها بالمخالفة لهواها، واحملها على طاعة الله والمجاهدة في سبيله وأكل الحلال وقول الصدق وما قد أمرت به من مخالفة الطبيعة.
قوله تعالى: * (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) * [الآية: 124].
قال ابن عطاء: الذين صدقوا حكم الربوبية وتمسكوا بعهد العبودية، زادتهم معرفة في قلوبهم ونظرا أسقط عنهم النظر إلى ما سواه.
قال أبو بكر الوراق: زيادة الإيمان يصيرونه بمعاتبة القلب.
قوله تعالى: * (أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين) * [الآية: 126].
سمعت أبا عثمان المغربي يقول: ليس الرجوع في أيام الفتنة إلا إلى اللجأ والاستغاثة وطلب الأمان وقصد التوبة فمن رجع إلى غير هذه الأسباب لم يسلم من فتنة نفسه، وإن سلم من فتنة العوام، قال الله تعالى: * (ثم لا يتوبون) * الآية: أي: لا يرجعون إلى الله بقلوبهم والراجع إلى الله سالم من الفتن والآفات، * (ولا هم يذكرون) * أي: لا يشكرون نعمتي السالفة عندهم.
ويعلمون رفقي بهم بالفتنة إذ لم أجعلهم من المفتونين في الفتنة.
قوله تعالى: * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) * [الآية: 128].