قال بعضهم: جعل الله شمس التوفيق طلبا لطاعات العباد وقمر التوحيد نور في أسرارهم فهم يتقلبون في ضياء التوفيق ونور التوحيد إلى المنازل الصديقية.
قوله تعالى: * (إن الذين لا يرجون لقاءنا) * [الآية: 7].
قال: لا يخافون الموقف الأعظم * (يوم تبلى السرائر) *.
وتظهر الخفايا * (ورضوا بالحياة الدنيا) * ركنوا إلى مذموم عيشهم * (واطمأنوا بها) * نسوا مفاجأة الموت * (والذين هم عن آياتنا غافلون) * تقليب القلوب وعقوبات الجوارح.
قوله تعالى: * (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) * [الآية: 10].
قال الشبلي: لو ألهموا حمد الحق في أوائل الأنفاس لسقطت عنهم الدعاوي، ولكنهم لم يزالوا يركضون في ميادين الجهل إلى أن فتح لهم طريق الحمد واسقط عنهم الدعاوي، فرجعوا إلى رؤية المنة فكان آخر دعواهم أن قالوا: الحمد لله رب العالمين.
ففوضوا الكل إليه ورجعوا بالكلية إليه، فأنطقهم بما أنطقهم به من النطق المحمود.
قوله تعالى: * (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما) * [الآية: 12].
قال أبو حفص: الدعاء باب الله الأعظم وهو سلاح المؤمن عند النوائب.
وقال: الدعاء الذي فيه الإجابة هو أن لا ترى حيلة بعقل ولا بعلم.
وقال سهل: الدعاء هو التبري مما سوى الله.
وقال أبو حفص: يرجع العبد إلى ربه بالحقيقة عند الفاقات ونزول المصائب والمحن، ولو رجع إليه في أيام الرفاهية لأكرم في وقت نزول المصائب بالرضاء، ولكنه لما لم يكن له في أوقات الرفاهية رجوع إليه رده في حال المصائب والضروريات إلى الدعاء واللجأ وهذا أيضا مقام جليل، فتح باب الدعاء على العبد عند نزول البلاء، والمحروم من يرجع فيما يترك به من المصائب والضروريات إلى العبيد، ويقطع قلبه عن ربه، فمصيبته في إعراضه عن ربه أكثر من مصيبته بنزول البلاء عليه.
قال بعضهم: الخلق مجبورون تحت قسيمته، مقهورون في خلقته ألا ترى إذا ضاقت القلوب واشتدت عليهم الأمور كيف يرجعون إلى الملك الغفور.
ودعاء أهل الحقائق فيما بلغني عن بعضهم أنه كان يقول: يا من حجبني بالدعاء