تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٢٩١
سئل أبو حفص عن التوبة فقال ليس للعبد من التوبة شيء، لأن التوبة إليه لا منه.
قوله تعالى: * (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) * [الآية: 118].
قال أبو عثمان: من رجع إلى الله وإلى سبيله، فلتكن صفة هذه الآية تضيق عليه الأرض، حتى لا يجد لقدمه فيها موضع قرار إلا وهو خائف، إن الله ينتقم منه فيه وتضيق عليه أحوال نفسه فينتظر الهلاك مع كل نفس هذه أوائل دلائل التوبة النصوح، ولا يكون له ملجأ ولا معاد ولا رجوع إلا إلى ربه، بانقطاع قلبه عن كل سبب قال الله تعالى: * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) *.
قوله تعالى: * (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه) *.
قال بعضهم: لم يعتمدوا حبيبا ولا خليلا بل قلوبهم منقطعة عن الخلق أجمع وعن الأكوان كلها، لذلك قيل: المعارف أن لا تلاحظ حبيبا ولا خليلا ولا كليما وأنت تجد إلى ملاحظة الحق سبيلا.
قال الجنيد رحمة الله عليه: ما نجا من نجا إلا بصدق اللجأ.
قوله تعالى: * (ثم تاب عليهم ليتوبوا) *.
قال أحمد بن خضرويه لأبي يزيد رحمة الله عليه: بماذا أصل التوبة النصوح قال:
بالله وبتوفيقه، ثم تاب عليهم ليتوبوا.
قال بعضهم: عطف عليهم ببوادي عطفه ونعمه وفضله فألفوا إحسانه ورجعوا إليه فكان هو الذي أخذهم إلى نفسه، لا هم بأنفسهم رجعوا إليه.
قال ابن عطاء: تعطف الرب على خلقه ولم يتعطف العبد إلى الله الطاعة.
قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * [الآية: 119].
قال بعضهم: * (مع الصادقين) * مع المقيمين على منهاج الحق.
قال بعضهم: مع من ترضى حاله سرا وعلنا وظاهرا وباطنا.
قال بعضهم: * (كونوا مع الصادقين) * قال: هم الذين لم يخالفوا الميثاق الأول، فإنها صدق كلمة.
وقال أبو سليمان: الصحبة على الصدق والصفاء تنفي كل علة عن المصطحبين، إذا قاما وثبتا على منهاج الصدق لأن الله يقول: * (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»