وقال أبو عثمان في رسالته إلى شاه: قد دبر الله لك يا أخي كل تدبير، وأسقط قدم صدق السنة والمتابعة سوء تدبيرك، وارض بتدبير الله لك كي تنجو من هواجس النفس، لأن الله يقول: * (يدبر الأمر يفصل الآيات) *.
وقيل لسهل بن عبد الله حين حضرته الوفاة: فبماذا تلقن وأين تقبر ومن يصلي عليك. قال: أدبر أمري حيا وميتا. وقد كفنت بسابق تدبير الله لي.
قوله تعالى: * (إليه مرجعكم جميعا) * [الآية: 4].
قال الجنيد رحمة الله عليه: في هذه الأمة منه الابتداء وإليه الانتهاء، وما بين ذلك مراتع فضله وتواتر نعمه، فمن سبقت له في الابتداء سعادة أظهرت عليه في مراتعه وتقلبه في نعمته بإظهار لسان الشكر وحال الرضا ومشاهدة المنعم، ومن لم تحركه سعادة الابتداء أبطل أيامه في سياسة نفسه وجمع الحطام الفاني ليؤده إلى ما سبق له في الابتداء من الشقاوة.
قال الله * (إليه مرجعكم جميعا) * والراجع بالحقيقة إليه هو الراجع مما سواه إليه، فيكون متحققا في الرجوع إليه.
قوله تعالى: * (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) * [الآية: 5].
قال بعضهم: الشموس مختلفة فشمس المعرفة يظهر ضياؤها على الجوارح فيزينها بآداب الخدمة وأقمار الأنس تقدس الأسرار بنور الوحدانية والفردانية فيدخلها في مقامات التوحيد والتفريد.