قال أبو عثمان: اشترى من المؤمنين أنفسهم، كي لا يخاصموا عنها، فإنها ليست لهم، والإنسان لا يخاصم عما ليس له.
قال أبو بكر الوراق: اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ولا شيء يتقرب به العبد إلى الله في أداء الأوامر والفرائض، إلا النفس والمال فاشترى منهم النفس والمال لئلا ينظروا إلى ما يبدو منهم من أنواع القرب، لأنهم باعوا قبل فلا يعجبوا بشيء من أفعالهم، ولا يفتخروا بشيء من طاعاتهم، لأن مواضعها النفس والمال، وليس لهم عليها ملك، ومن لا يملك الأصل كيف يفتخر بالفرع.
قوله تعالى: * (ومن أوفى بعهده من الله) *.
قال الحسين: عهد الحق في الأزل إلى خواصه باختصاص خاصيته، خصهم بها من بين تكوينه فأظهر آثار أنوار ذلك عليهم عند استخراج الذر، فرأى آدم الأنوار تتلألأ فقال: من هؤلاء؟ ثم أظهر سمات ذلك حين أوجدهم، وهي آثار ذلك العهد الذي عهد إليهم، فوفى لهم بعهودهم * (ومن أوفى بعهده من الله) * قال: * (فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به) *.
قال النصرآباذي: البشرى في هذا البيع أنه يوفي بما وعد، بأن لهم الجنة ويزيد لمن يشاء، فضلا منه وكرما بالرؤية والمشاهدة ولو لم يكن فيه إلا مساواة المساومة لكان عظيما، فكيف المبايعة والمشاراة.
قوله تعالى: * (التائبون العابدون الحامدون السائحون) * [الآية: 112].
قال سهل: ليس في الدنيا شيء من الحقوق أوجب على الخلق من التوبة، ولا عقوبة أشد عليهم من فقد علم التوبة.
قال ابن عطاء: لا تصح العبادة إلا بالتوبة له إلا بالمداومة والسياحة والرياضة ولا هذه المقامات وهذه المقدمات إلا بمداومة الركوع والسجود، ولا يصح هذا كله إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يصح شيء مما تقدم إلا بحفظ الحدود ظاهرا وباطنا، والمؤمن من تكون هذه صفته، لأن الله يقول: * (وبشر المؤمنين) * الذين هم بهذه الصفة.
وقيل في قوله: * (التائبون) * الراجعون إلى الله بالكلية عن جميع ما لهم من صفاتهم وأحوالهم.