تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٤
يعني إذا أرادوا حاجة تشاوروا فيما بينهم وروي عن الحسن أنه قال هم الذين إذا حزبهم أمر استشاروا أولي الرأي منهم * (ومما رزقناهم ينفقون) * يعني يتصدقون في طاعة الله تعالى ثم قال * (والذين إذا أصابهم البغي) * يعني الظلم * (هم ينتصرون) * يعني ينتقمون ويقتصون روى سفيان عن منصور عن إبراهيم أنه قال كانوا يكرهون أن يستذلوا ويحبون العفو إذا قدروا سورة الشورى 40 - 42 قوله تعالى " وجزاء سيئة مثلها " يعني يعاقب مثل عقوبته لغيره * (فمن عفا وأصلح) * يعني عفا عن مظلمته وأصلح بالعفو * (فأجره على الله) * يعني ثوابه على الله * (إنه لا يحب الظالمين) * يعني لمن يبدأ بالظلم روي عن زيد بن أسلم أنه قال كانوا ثلاث فرق فرقة بالمدينة وفرقتان بمكة إحداهما تصبر على الأذى والثانية تنتصر والثالثة تكظم فنزلت الآية * (والذين استجابوا لربهم) * نزلت في الذين بالمدينة * (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) * نزلت في الذين ينتصرون وقوله * (فمن عفا وأصلح) * نزلت في الذين يصبرون فأثنى الله تعالى عليهم جميعا ثم نزل في الظالمين قوله عز وجل * (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) * وذكر أن أبا بكر رضي الله عنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ورجل من المنافقين يسبه وأبو بكر رضي الله عنه لم يجبه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت يبتسم فأجابه أبو بكر فقام النبي صلى الله عليه وسلم وذهب فقام إليه أبو بكر فقال يا رسول الله ما دام يسبني كنت جالسا فلما أجبته قمت فقال صلى الله عليه وسلم (إن ملكا كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب الملك وجاء الشيطان وأنا لا أجلس في مجلس يكون فيه الشيطان) فنزل * (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) * وروى محمد بن المنكدر قال ينادي المنادي يوم القيامة من كان له عند الله حق فليقم قال فيقوم من عفا وأصلح قوله عز وجل " ولم انتصر بعد ظلمه " يعني انتصف بعد ظلمه واقتص منه * (فأولئك ما عليهم من سبيل) * يعني من مأثم وقال قتادة هذا فيما يكون بين الناس من القصاص فأما لو ظلمك لا يحل لك أن تظلمه يعني فيما لا يحتمل القصاص وقال الحسن يعني إذا قال لعنك الله أن تقول له لعنك الله وإذا سبك أن تسبه ما لم يكن فيه حد أو كلمة لا تصلح
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»