تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٠٥
والكسائي * (ولكن الشياطين) * بكسر النون من غير تشديد ورفع النون في * (الشياطين) * وقرأ الباقون بتشديد النون مع النصب * (ولكن الشياطين) * بفتح النون في * (الشياطين) * وهذا هو الأصل في اللغة فإن كلمة أن لكن إذا كانت مشددة تنصب ما بعدها وإن لم تكن مشددة ترفع ما بعدها وقال بعضهم لنزول هذه الآية سبب آخر وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ويعلمون الناس السحر وأبواب النيرنجايات فكان سليمان يأخذ ذلك منهم ويدفنه تحت الأرض فلما مات سليمان قالت الشياطين للناس إن علم سليمان مدفون في موضع كذا وكذا فحفروا ذلك الموضع وأخرجوا منه كتبا كثيرة وقال بعضهم معناه أن سليمان كان إذا أصبح كل يوم رأى نباتا بين يديه فيقول له لأي دواء أنت فيقول لكذا وكذا وإن اسمي كذا وكان سليمان يكتب ذلك فنبت يوما من الأيام نبات بين يديه فقال له سليمان ما اسمك فقال خرنوب فقال له لأي دواء أنت فقال لخراب المسجد فعلم سليمان أنه قد جاء أجله لأنه علم أن المسجد لا يخرب في حياته وكان له صحيفة فيها يكتب أسماء الأدوية ويضعها في الخزانة فكتبت الشياطين سحرا ووضعوه في ذلك الموضع فلما مات سليمان وجدوا ذلك في كتبه فاتبعه بعض الناس فذلك قوله * (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) * ثم قال تعالى * (وما أنزل على الملكين) * يعني اتبعوا الذي أنزل على الملكين يعني وهما الملكان * (ببابل هاروت وماروت) * حدثنا القاضي الخليل بن أحمد قال حدثنا الماسرجسي فقال حدثنا إسحاق قال حدثنا حكام بن سليمان الرازي قال حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى * (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) * قال إن الناس بعد آدم وقعوا في الشرك واتخذوا هذه الأصنام وعبدوا غير الله تعالى فجعلت الملائكة يدعون عليهم ويقولون ربنا خلقت عبادك فأحسنت خلقهم ورزقتهم فأحسنت رزقهم فعصوك وعبدوا غيرك فقال لهم الرب عز وجل إنهم في عذر وقيل في عيب فجعلوا لا يعذرونهم ويدعون فقال لهم الرب اختاروا منكم اثنين فأهبطهما إلى الأرض فأمرهما ونهاهما فاختاروا هاروت وماروت) فأهبطهما الله تعالى إلى الأرض فأمرهما ونهاهما عن الزنى وقتل النفس وشرب الخمر فمكثا زمانا يحكمان في الأرض بالحق وكان في ذلك الزمان امرأة فضلت بالحسن على سائر النساء فأتيا عليها فخضعا لها بالقول وراوداها عن نفسها فقالت لا حتى تصليا لهذا الصنم فقالا هذا أمر عظيم هذا كفر بالله فأبيا ثم عبدا زمانا فأبيا عليها فخضعا لها بالقول فقالت لا حتى تصليا لهذا الصنم أو تقتلا هذه النفس أو تشربا هذا الخمر فقالا أهون الثلاثة شرب الخمر فشربا الخمر فلما شربا الخمر وفعلا بالمرأة وقتلا النفس فكشف الغطاء
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»