رواية الكلبي قالوا سمعنا قولك وعصينا أمرك ولولا مخافة الجبل ما قبلنا ويقال إنهم يقولون في الظاهر سمعنا ويضمرون في أنفسهم وعصينا أمرك ثم قال * (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم) * يعني جعل حلاوة عبادة العجل في قلوبهم مجازاة لكفرهم ويقال حب عبادة العجل فحذف الحب وأقيم العجل مقامه ومثل هذا يجري في كلام العرب كما قال في آية أخرى " وسئل القرية " يوسف 82 أي أهل القرية ثم قال تعالى * (قل بئسما يأمركم به إيمانكم) * يعني بئس الإيمان الذي يأمركم بالكفر وقال مقاتل معناه إن كان حب عبادة العجل في قلوبكم يعدل حب عبادة خالقكم فبئس ما يأمركم به إيمانكم * (إن كنتم مؤمنين) * كما تزعمون سورة البقرة الآيات 94 - 96 قوله تعالى * (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس) * يعني الجنة وذلك أن اليهود كانوا يقولون إن الجنة لنا خاصة من دون سائر الناس قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم قل لهم إن كان الأمر كما تقولون إن الجنة لكم خاصة * (فتمنوا الموت) * يعني سلوا الله الموت يعني بما عملوا من المعاصي * (إن كنتم صادقين) * أن الجنة لكم فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم قولوا إن كنتم صادقين اللهم أمتنا فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه يعني يموت مكانه فأبوا أن يقولوا ذلك فنزل * (ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم) * يعني بما عملوا من المعاصي قال الزجاج في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال لهم * (فتمنوا الموت) * وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا فلم يتمنه واحد منهم ويقال إن قوله * (لن يتمنوه) * إنما يقع على الحياة الدنيا خاصة ولا يقع على أمر الآخرة لأنهم يتمنون الموت في النار إذا كانوا في جهنم وفي هذه الآية دليل أن لفظه * (لن) * لا تدل على التأبيد لأنهم يتمنون الموت في الآخرة خلافا لقول المعتزلة في قوله * (لن تراني) * ويقال ولو أنهم سألوا الموت في الدنيا ولم يموتوا وكان في ذلك تكذيبا لقول النبي صلى الله عليه وسلم وكان في ذلك أيضا ذهاب معجزته فلما لم يتمنوا الموت ثبت بذلك عندهم أنه رسول الله وظهر عندهم معجزته وظهر أن الأمر كما عز وجل ثم قال * (والله عليم بالظالمين) * فهو عليم بهم وبغيرهم من الظالمين وإنما الفائدة هاهنا أنه بمجازاتهم عليم
(١٠١)