تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٣٦١
ثم قال تعالى " إنا أنزلنا الكتاب بالحق " يعني أنزلنا عليك جبريل عليه السلام ليقرأ عليك القرآن بالعدل والأمر والنهي " لتحكم بين الناس بما أراد الله " يعني بما أعلمك الله وألهمك بما أوحي إليك * (ولا تكن للخائنين خصيما) * يعني ولا تكن للسارقين معينا وروى محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جده قال عن قتادة بن النعمان قال كان بنو أبيرق ثلاثة بشر وبشير ومبشر فكان بشر يكنى أبا طعمة وكان شاعرا وكان منافقا وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول قاله فلان وكان لعمي رفاعة بن زيد عليه فيها طعام وسلاح فطرقه بشير من الليل فأخذ ما فيها من الطعام والسلاح فلما أصبح عمي دعاني وقال لي إنه أغير علينا الليلة فقلت من فعله فقال بشير وأخواه فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن بشيرا قد سرق من عمي الطعام والسلاح فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه وأما السلاح فليردوه علينا فجاء قومه وكانوا أهل لسان وبيان فقالوا إن رفاعة وابن أخيه عمدوا إلى أهل بيت منا يتهمونهم بالسرقة فوقع قولهم عند النبي صلى الله عليه وسلم موقعا فبين الله خيانتهم فنزل * (ولا تكن للخائنين خصيما) * وهو طعمة وقال الضحاك سرق طعمة بن أبيرق اليهودي درعا للزبير بن العوام فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للزبير لا بد لك من أن تأتي على ذلك بحجة قيمة وشهادة صحيحة فأنزل الله تعالى تصديقا لقول الزبير * (ولا تكن للخائنين خصيما) * وقال مقاتل سرق طعمة المنافق ابن أبيرق درعا من يهودي فلما جاؤوا إلى بيته بالأثر رمى الدرع في دار رجل من الأنصار وأنكر فجاء قومه ليبرئوه من السرقة فنزلت هذه الآية وقال الكلبي سرق طعمة بن أبيرق درعا من جار له يقال له قتادة بن النعمان فوضعه عند رجل من اليهود يقال له زيد بن الشخير وأنكر السرقة فجاء قومه يخاصمون عنه فنزلت هذه الآية قوله تعالى * (واستغفر الله) * يعني استغفر عند جدالك عن طعمة حين جادلت * (إن الله كان غفورا رحيما) * ثم قال تعالى * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) * يقول ولا تخاصم عن الذين يضرون أنفسهم بالسرقة " إن الله لا يجب من كان خوانا أثيما " يعني خائنا بالسرقة فاجرا برميه على غيره ثم قال تعالى * (يستخفون من الناس) * قال الضحاك لما سرق الدرع اتخذ حفره في بيته وجعل الدرع تحت التراب فنزل * (يستخفون من الناس) * بالتراب * (ولا يستخفون من الله) * يقول لا يخفى مكان الدرع على الله * (وهو معهم) * عالم بهم وبخيانتهم ويقال * (يستخفون) * يعني يستترون من الناس وهم قوم طعمة * (ولا يستخفون) * من الله يقول ولا يقدرون أن يستتروا من الله تعالى " وهم معهم " يعني عالما بهم وبخيانتهم * (إذ يبيتون) * يقول إذ يؤلفون ويغيرون * (ما لا يرضى) * الله * (من القول) * يقول ما لا يرضوا لأنفسهم من القول وهم سرقوا
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»