تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
قوله تعالى * (قل إن كنتم تحبون الله) * وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه يعني نحن في المنزلة بمنزلة الأنباء ولنحن أشد حبا لله فقال الله لنبيه * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) * على ديني فإني رسول الله أؤدي رسالته قوله تعالى * (يحببكم الله) * قال الزجاج يعني * (تحبون الله) * أي تقصدون طاعته فافعلوا ما أمركم الله عز وجل لأن محبة الإنسان لله وللرسول طاعته له ورضاه بما أمر والمحبة من الله عفوه عنهم وإنعامه عليهم برحمته ويقال الحب من الله عصمته وتوفيقه والحب من العباد طاعته كما قال القائل (تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا لعمري في القياس بديع) (لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع) فلما نزلت هذه الآية قالوا أن محمدا يريد أن نتخذه حنانا كما اتخذت النصارى عيسى حنانا فنزلت هذه الآية * (قل أطيعوا الله والرسول) * فقرن طاعته بطاعة رسوله رغما لهم ويقال * (أطيعوا الله) * فيما أنزل * (والرسول) * فيما بين * (فإن تولوا) * يعني أعرضوا عن طاعتهما * (فإن الله لا يحب الكافرين) * يعني لا يغفر لهم سورة آل عمران 33 قوله تعالى * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم) * يعني اختاره ويقال اختار دينه وهو دين الإسلام ويقال قد اختاره لخمسة أشياء أولها أنه خلقه بأحسن صورة بقدرته والثاني أنه علمه الأسماء كلها والثالث أنه أمر الملائكة أن يسجدوا له والرابع أسكنه الجنة والخامس جعله أبا للبشر واختار نوحا عليه السلام بخمسة أشياء أولها أنه جعله أبا البشر لأن الناس كلهم غرقوا وصارت ذريته هم الباقون والثاني أنه أطال عمره ويقال طوبى لمن طال عمره وحسن عمله والثالث أنه استجاب دعاءه على الكفار والمؤمنين والرابع أنه حمله على السفينة والخامس أنه كان أول من نسخ به الشرائع وكان قبل ذلك لم يحرم تزوج الخالات والأخوات والعمات واختار آل إبراهيم عليه السلام بخمسة أشياء أولها أنه جعله أبا الأنبياء لأنه روي أنه خرج من صلبه ألف نبي من زمانه إلى زمان النبي صلى الله عليه وسلم والثاني أنه أتخذه خليلا والثالث أنه أنجاه من النار والرابع أنه جعله للناس إماما والخامس أنه ابتلاه الله بكلمات فوفقه حتى أتمهن ثم قال تعالى * (وآل عمران) * قال مقاتل يعني به أبا موسى وهارون وقال الكلبي هو عمران أبو مريم وهو من ولد سليمان النبي عليه السلام فإنه أراد به آل موسى وهارون إنما كان اختارهما على العالمين حيث بعثهما على قومه المن والسلوى ولم يكن لأحد من
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»