ثم قال تعالى * (إن الذين كفروا) * يعني اليهود ويقال جميع الكفار * (لن تغني عنهم) * كثرة * (أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا) * يعني لا ينفعهم من عذاب الله * (شيئا) * في الدنيا إذا نزل بهم شدة أو مرض ولا في الآخرة عند نزول العذاب ويقال كل ما لم ينفق في طاعة الله فهو حسرة له يوم القيامة ويقال إنما ذكر الأموال والأولاد لأن أكثر الناس يدخلون النار لأجل الأموال والأولاد فأخبر الله تعالى أنهما لا ينفعانهما في الآخرة لكيلا يفني الناس أعمارهم لأجل المال والولد وإنما ذكر الله تعالى الكفار لكي يعتبر بذلك المؤمنون ثم قال تعالى * (وأولئك هم وقود النار) * يعني حطب النار وقرأ بعضهم * (وقود النار) * بضم الواو يعني إيقاد النار كما قال في آية أخرى * (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) * النساء 56 قالوا معناه إذا أرادت النار أن تنطفئ بدلهم الله جلودا غيرها لتتقد النار ثم قال عز وجل * (كدأب آل فرعون) * يعني صنيع الكفار معك كصنيع آل فرعون مع موسى وقال مقاتل كأشباه آل فرعون بالتكذيب بالعذاب في الدنيا ويقال إهلاك الله إياهم بالقتل كإهلاك آل فرعون بالغرق ويقال تعاونهم وتظاهرهم فيما بينهم عليك كتظاهر آل فرعون على موسى * (والذين من قبلهم) * يعني قبل آل فرعون مثل قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط * (كذبوا بآياتنا) * بدلائلنا وعجائبنا ويقال بكتبي ورسلي كما كذبك قومك يا محمد * (فأخذهم الله بذنوبهم) * يعني أهلكهم وعاقبهم بشركهم * (والله شديد العقاب) * للكفار سورة آل عمران الآية 12 قوله تعالى * (قل للذين كفروا) * قال الضحاك يعني كفار مكة لما ظهروا يوم أحد فرحوا بذلك فنزل قوله تعالى * (قل للذين كفروا) * من أهل مكة * (ستغلبون) * بعد هذا " وتحشرون إلى نار جهنم " وقال الكلبي نزلت في شأن بني قريظة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هزم المشركين يوم بدر وقالت اليهود هذا النبي الأمي الذي بشرنا به موسى الذي نجده في التوراة فأرادوا تصديقه واتباعه ثم قال بعضهم لبعض لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة أخرى فلما كان يوم أحد ونكب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا والله ما هو إياه فقد تغيرت صفته وحاله فشكوا فيه ولم يسلموا وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد فأنزل الله تعالى * (قل للذين كفروا ستغلبون) * وقال عكرمة عن عبد الله بن عباس أنه قال لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال يا معشر اليهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب قريشا قالوا يا محمد لا تغرنك نفسك إنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال فإنك لو قاتلنا لعرفت أنا نحن
(٢٢١)