تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢١٠
الآيات 282 - 283 قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين) * روي عن ابن عباس أنه قال الآية نزلت في السلم ويقال كل دين إلى أجل سلما كان أو غيره * (إلى أجل مسمى) * يعني إلى أجل معلوم وفي الآية دليل أن المداينة لا تجوز إلا بأجل معلوم * (فاكتبوه) * يعني الدين والأجل ويقال أمر بالكتابة ولكن المراد به الكتابة والإشهاد لأن الكتابة بغير شهود لا تكون حجة ويقال أمر بالكتابة لكي لا ينسى ويقال من أدان دينا ولم يكتب فإذا نسي ودعا الله تعالى بأن يظهره يقول الله تعالى أمرتك بالكتابة فعصيت أمري وإذا دعى بالنجاة من الزوجة يقول الله تعالى جعلت الطلاق بيدك إن شئت طلقها وإن شئت فأمسكها ثم قال تعالى * (وليكتب بينكم كاتب بالعدل) * يعني يكتب الكاتب بين البائع والمشتري يعدل بينهما في كتابته ولا يزداد على المطلوب على حقه ولا ينقص من حق الطالب ويقال إن هذا أمر للكاتب بالكتابة وكانت الكتابة واجبة في ذلك الوقت على الكاتب لأن الكتبة كانوا قليلا ثم نسخ بقوله * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) * البقرة 282 وقال بعضهم الكتابة لم تكن واجبة ولكن الأمر على معنى الاستحباب ثم قال تعالى * (ولا يأب كاتب أن يكتب) * يقول ولا يمتنع الكاتب عن الكتابة أن يكتب * (كما علمه الله) * يعني يكتب شكرا لما أنعم الله عليه حيث علمه الكتابة واحتاج غيره إليه فكما أكرمه الله تعالى بالكتابة وفضله بذلك فيعرف شكره ولا يمتنع عن الكتابة لمن طلب منه ثم قال تعالى * (وليملل الذي عليه الحق) * يعني المطلوب هو الذي يملي على الكاتب حتى يكتب الكاتب لأن قول المطلوب حجة على نفسه فإذا أملى على الكاتب يكون ذلك إقرارا منه بوجوب الحق عليه ثم خوف المطلوب لكيلا ينقص شيئا من حق الطالب فقال تعالى * (وليتق الله ربه) * يعني المطلوب * (ولا يبخس منه شيئا) * يقول لا ينقص من الحق شيئا ويقال معنى الكاتب ولا يبخس في الكتابة شيئا
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»