تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢١٣
تضمروه * (يحاسبكم به الله) * أن يجازيكم به الله وقال بعضهم يعني في كتمان الشهادة أن تعلنوا الشهادة أو تخفوها * (يحاسبكم به الله) * أي يجازيكم به الله وقال الكلبي وإن تعلنوا ما في أنفسكم من المعصية أو تسروها ولا تظهروها يجازيكم به الله ويقال لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين وقالوا يا رسول الله إنا لنحدث أنفسنا بالأمر من المعصية ثم لا نعملها أو نعمل بها فهو سواء فشق ذلك على المؤمنين مشقة شديدة فلما عرف الله مشقة ذلك على المسلمين أنزل على نبيه ما هو أهون عليه منه فقال * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * البقرة 286 قال الفقيه حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الدبيلي قال حدثنا أبو عبيد الله عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى سبقت رحمتي غضبي قال سفيان بلغني أن الأنبياء كانوا يأتون قومهم بهذه الآية * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) * فيقولون لا نطيق هذا ولا نحتمله فأعقبهم الله بالمؤاخذة فلما عرض على هذه الأمة قبلوا فأعقبهم الله تعالى أن وضعها عنهم فأنزل الله تعالى * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * البقرة 286 الآية ثم قال عز وجل * (فيغفر لمن يشاء) * أي لمن تاب عن الذنوب * (ويعذب من يشاء) * أي لمن أقام على ذلك وأصر عليه ويقال * (فيغفر لمن يشاء) * الذنب العظيم لمن انتزع عنه * (ويعذب من يشاء) * بالذنب الصغير إذا أصر عليه ويقال لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار قرأ عاصم وابن عامر * (فيغفر) * بضم الراء على معنى الابتداء وقرأ الباقون بالجزم على جواب الشرط وكذلك في قوله * (ويعذب من يشاء) * ثم قال تعالى " والله على كل شيء قدير " من العقوبة والمغفرة سورة البقرة الآيات 285 - 286
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»