تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢٠٧
من قبورهم * (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان) * يعني يتخبله الشيطان * (من المس) * أي من الجنون ويقال إنهم يبعثون يوم القيامة وقد انتفخت بطونهم كالجبال وكلما قاموا سقطوا والناس يمشون عليهم فيكون ذلك علامة آكل الربا ويقال يكون بمنزلة المجنون * (ذلك بأنهم) * يعني الذي نزل بهم لأنهم * (قالوا إنما البيع مثل الربا) * معناه استحلوا الربا وكان الرجل إذا حل أجل ماله طالبه فيقول له المطلوب زدني في الأجل وأزيدك في مالك فيفعلان ذلك فإذا قيل لهما إن هذا ربا قالا الزيادة في أول البيع والزيادة عند حلول المال سواء فذلك قوله تعالى * (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) * الزيادة في أول البيع كالزيادة في آخر البيع ويقال إنهم استحلوا الربا وقالوا الربا والبيع سواء في الحل فالله سبحانه وتعالى أبطل قولهم فقال * (وأحل الله البيع وحرم الربا) * ثم قال * (فمن جاءه موعظة) * ولم يقل جاءته لأن التأنيث ليس بحقيقي ويجوز ان يذكر ويؤنث لأنه أنصرف إلى المعنى يعني فمن جاءه نهي * (من ربه) * في القرآن في بيان تحريم الربا * (فانتهى) * عن أكل الربا * (فله ما سلف) * يعني ليس عليه إثم فيما مضى قبل النهي لأن الحجة لم تقم عليهم ولم يعلموا بحرمته وأما اليوم فمن تاب عن الربا فلا بد له من أن يرد الفضل ولا يكون له ما سلف لأن حرمة الربا ظاهرة بين المسلمين لأن كتاب الله تعالى فيهم ثم قال عز وجل * (وأمره إلى الله) * في المستأنف إن شاء عصمه وإن شاء لم يعصمه * (ومن عاد) * إلى استحلال الربا * (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * قال ابن مسعود آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهداه ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم سيأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا ومن لم يأكل الربا أصابه من غباره وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الربا بضع وسبعون بابا أدناها كإتيان الرجل أمه) يعني كالزاني بأمه ثم قال تعالى * (يمحق الله الربا) * يعني يبطله ويذهب ببركته " ويربي الصدقات " يقول يقبلها ويضاعفها ويقال إن مال آكل الربا لا يخلو من أحد أوجه ثلاثة إما أن يذهب عنه أو عن ولده أو ينفقه فيما لا يصلح ثم قال عز وجل * (والله لا يحب كل كفار) * يعني جاحدا بتحريم الربا * (أثيم) * يعني عاص بأكله
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»