ذكرهما الزجاج في كتابه وقال بعضهم * (ليس البر) * أي ليس البار من يولي وجهه إلى المشرق والمغرب ولكن البار من آمن بالله ثم ذكر في هذه الآية خمسة أشياء وهي من الإيمان فمن لم يقر بواحدة منها فقد كفر أحدها الإيمان بالله تعالى أنه واحد لا شريك له وصدق باليوم الآخر وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال وأنه كائن وأن أهل الثواب يصلون إلى الثواب وأهل العقاب يصلون إلى العقاب وصدق بالكتاب أنه منزل من الله تعالى يعني القرآن وسائر الكتب التوراة والإنجيل والزبور ويقر بالملائكة أنهم عباده ويقر بالنبيين أنهم رسله وأنبياؤه فهذه الخمسة من الإيمان فمن جحد واحدة منها فقد كفر ثم ذكر الفضائل فقال " وءاتى المال على حبه " يعني يعطي المال على شهوته وجوعه وهو صحيح شحيح يخشى الفقر ويؤمل العيش ويقال * (على حبه) * الإعطاء بطيبة من نفسه يعطي * (ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * يعني الضيف النازل * (والسائلين) * الذين يسألون الناس * (وفي الرقاب) * يعني المكاتبين وقد قيل * (وابن السبيل) * هو المنقطع من ماله ثم ذكر الفرائض فقال * (وأقام الصلاة) * المكتوبة * (وآتى الزكاة) * المفروضة * (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) * فيما بينهم وبين الله تعالى وفيما بينهم وبين الناس * (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس) * قال القتبي * (البأساء) * الفقر وهو من البؤس * (والضراء) * المرض والزمانة * (وحين البأس) * يعني يصبرون عند الحرب وقال القتبي * (البأس) * الشدة ومنه يقال لا بأس عليك يعني لا شدة عليك يقال فلهذا سمي الحرب البأس لأن فيه شدة ثم قال تعالى * (أولئك الذين صدقوا) * يعني صدقوا في إيمانهم * (وأولئك هم المتقون) * عن نقض العهد فإن قيل أيش معنى قوله * (والصابرين في البأساء والضراء) * وموضعه موضع رفع ولم يقل والصابرون قيل له قد قال بعض من تعسف في كلامه إن هذا غلط الكاتب حين كتبوا مصحف الإمام والدليل على ذلك ما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه نظر في المصحف فقال أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها وهكذا قال في سورة النساء * (والمقيمين الصلاة) * النساء 162 وفي سورة المائدة * (والصابئون) *) لكن الجواب عند أهل العلم أن يقال إنما صار نصبا للمدح والكلام يصير نصبا على المدح أو الذم ألا ترى إلى قول القائل (نحن بني ضبة أصحاب الجمل *) (ننازل الموت إذ الموت نزل *)
(١٤٣)