تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٤٤
(والموت أشهى عندنا من العسل *) وإنما جعله نصبا للمدح وكان سبيله نحن بنو ضبة إلا أنه لما جاء الكلام على سبيل المدح نصبه وأراد بالجمل حرب الجمل والضبة اسم قبيلة وهم الذين شهدوا معركة الجمل وروي عن قتادة أنه قال ذكر لنا أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر فنزلت هذه الآية * (ليس البر أن تولوا وجوهكم) * إلى آخر الآية وقال الضحاك * (أولئك الذين صدقوا) * يعني صدقت نياتهم فاستقامت قلوبهم بأعمالهم * (وأولئك هم المتقون) * يعني المطيعين لله تعالى سورة البقرة الآيات 178 179 قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) * يعني فرض عليكم وأوجب عليكم القصاص فإن قيل الفرض على من يكون على الولي أو على غيره قيل له الفرض على القاضي إذا اختصموا إليه بأن يقضي على القاتل بالقصاص إذا طلب الولي لأن الله تعالى قد خاطب جميع المؤمنين بالقصاص ثم لا يتهيأ للمؤمنين ولا يمكنهم جميعا أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص فخاطب الولي بالقصاص وخاطب غيره بأن يعين الولي على ذلك وهو قوله * (كتب عليكم القصاص) * أي فرض عليكم إذا كان القتل عمدا * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * قال بعضهم كان في أول الشريعة أن الحر يقتل بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ولا يقتل الحر بالعبد ولا العبد بالحر ولا الذكر بالأنثى ثم نسخ بقوله تعالى * (النفس بالنفس) * المائدة 45 وقال بعضهم هي غير منسوخة لأنه قد ذكر هذه الآية * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * ولم يذكر في هذه الآية أن العبد لو قتل حرا ما حكمه فبين في آية أخرى وهو قوله * (النفس بالنفس) * وقال ابن عباس نزلت هذه الآية في حيين من أحياء العرب اقتتلوا في الجاهلية فكانت بينهم قتلى وجراحات وكان لأحدهما طول على الآخر فقالوا لنقتلن بالعبد منا الحر منكم وبالمرأة الرجل منكم وبالرجل منا الرجلين منكم فلما جاء الإسلام طلب بعضهم من بعض ذلك فنزلت هذه الآية * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * وقال تعالى " فمن عفي له من أخيه شيء " يعني ترك ولي المقتول من أخيه يعني القاتل ولم يقتله وأخذ الدية * (فاتباع بالمعروف) * يعني يطلب الدية بالرفق ولا يعسر عليه
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»