194 قوله تعالى * (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) * وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه إلى مكة للعمرة فنزل بالحديبية بقرب مكة والحديبية اسم بئر فسمي ذلك الموضع باسم تلك البئر فصده المشركون عن البيت فأقام بالحديبية شهرا وصالحه المشركون على أن يرجع من عامه كما جاء وعلى أن تخلى له مكة في العام المقبل ثلاثة أيام وصالحه المشركون على أن لا يكون بينهم قتال إلى عشر سنين فرجع إلى المدينة فخرج في العام الثاني للقضاء فخاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم المشركون وكرهوا القتال في الشهر الحرام فنزلت هذه الآية * (وقاتلوا في سبيل الله) * يعني في طاعة الله * (الذين يقاتلونكم) * يعني في الحرم أو في الشهر الحرام * (ولا تعتدوا) * بأن تنقضوا العهد وتبدؤوهم بالقتال في الشهر الحرام أو في الحرم * (إن الله لا يحب المعتدين) * يعني من بدأ بالظلم قوله تعالى * (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) * أي حيث وجدتموهم في الحل والحرم والشهر الحرام فأمر الله تعالى بقتل المشركين الذين ينقضون العهد وقوله * (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) * يعني من مكة * (والفتنة) * يعني الشرك بالله * (أشد) * يعني أعظم عند الله * (من القتل) * في الشهر الحرام ثم قال تعالى * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) * يعني في الحرم * (حتى يقاتلوكم فيه) * يعني يبدؤوكم بالقتال * (فإن قاتلوكم) * يعني بدؤوكم بالقتال * (فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين) * يعني هكذا جزاؤهم القتل في الحرم وغيره قرأ حمزة والكسائي " ولا تقتلوهم " بغير ألف " حتى يقتلوكم " " فإن قتلوكم " وقرأ الباقون في هذه المواضع الثلاثة بالألف فمن قرأ بالألف فهو من المقاتلة ومن قرأ بغير ألف فمعناه لا تقتلوهم حتى يقتلوا منكم ثم قال تعالى * (فإن انتهوا) * يعني عن قتالكم * (فإن الله غفور رحيم) * يعني إذا أسلموا وهذا كقوله تعالى * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * الأنفال 38 * (وقاتلوهم) * يعني أهل مكة * (حتى لا تكون فتنة) * يعني الشرك بالله تعالى * (ويكون الدين لله) * يعني الإسلام * (فإن انتهوا) * عن قتالكم وتركوا الشرك * (فلا عدوان) *
(١٥٤)