وأمر المطلوب بأن يؤدي الدية إلى الطالب لقوله * (وأداء إليه بإحسان) * وقال القتبي " فمن عفي له من أخيه شيء " قال قبول الدية في العمد والعفو عن الدم وقوله * (فاتباع بالمعروف) * أي مطالبة جميلة * (وأداء إليه بإحسان) * لا يبخسه ولا يماطله ولا يدفعه ويقال معناه إذا عفا أحد ولي القصاص صار نصيب الآخر مالا فيتبعه بالمعروف والقاتل يؤدي إليه نصيبه بإحسان * (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) * لأن أهل التوراة كان لهم القتل ولم يكن لهم غير ذلك وأهل الإنجيل كان لهم العفو وليس لهم قود ولا دية فجعل الله تعالى القصاص والدية والعفو تخفيفا لهذه الأمة فمن شاء قتل ومن شاء أخذ الدية ومن شاء عفا وقد قال بعض الناس إن الولي إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن لم يرض القاتل وهو قول الشافعي رحمه الله وقال أصحابنا ليس له أن يأخذ الدية إلا برضا القاتل وليس في هذه الآية دليل أن له أن يأخذ الدية بكره منه وفيه دليل أن له أن يقبل الدية ومعناه عند أصحابنا أن له الدية إذا رضي القاتل وأصطلحا على ذلك ثم قال تعالى " فمن اعتدى من بعد ذلك " يعني أن يقتل بعد ما أخذ الدية * (فله عذاب أليم) * أي وجيع وقال قتادة يقتل ولا يقبل منه الدية إذا اعتدى واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا أعفي عن أحد قتل بعد أخذ الدية ولكن معناه عندنا أنه إذا طلب الولي القتل فأما إذا عفا عنه الثاني وتركه جاز عفوه لأنه قتل بغير حق فصار حكمه حكم القاتل الأول لأنه لو عفي عنه لجاز ذلك فكذلك الثاني ثم قال عز وجل * (ولكم في القصاص حياة) * أي بقاء لأن الناس يعتبرون بالقصاص فيمتنعون عن القتل وهذا كما قال القائل (أبلغ أبا مالك عني مغلغلة * وفي العقاب حياة بين أقوام) وهذا معنى قوله * (ولكم في القصاص حياة) * * (يا أولي الألباب) * يعني يا ذوي العقول * (لعلكم تتقون) * أي القتل مخافة القصاص سورة البقرة الآيات 180 - 182 قوله تعالى * (كتب عليكم) * أي فرض عليكم * (إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا) * يقول أي ترك مالا والخير في القرآن على وجوه أحدها المال كقوله " إن ترك
(١٤٥)