أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٨١
وضياء) [الأنبياء: 48] والواو ملغاة والفرقان ضياء، وقال تعالى: (فلما أسلما وتله للجبين) [الصافات: 103] معناه: لما أسلما تله للجبين، لأن قوله: (فلما أسلما) [الصافات: 103] يقتضي جوابا وجوابه تله للجبين، وكما قال الشاعر:
بلى شيء يوافق بعض شئ * وأحيانا وباطله كثير ومعناه: يوافق بعض شيء أحيانا، والواو ملغاة، وكما قال الآخر:
فإن رشيدا وابن مروان لم يكن * ليفعل حتى يصدر الأمر مصدرا ومعناه: فإن رشيد بن مروان، وقال الآخر:
إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم والواو في هذه المواضع دخولها وخروجها سواء.
فثبت بما ذكرنا أن قوله: (فأن لله خمسه) على أحد المعنيين اللذين ذكرنا، وجائز أن يكونا جميعا مرادين لاحتمال الآية لهما، فينتظم تعليمنا افتتاح الأمور بذكر الله تعالى وأن الخمس مصروف في وجوه القرب إلى الله تعالى، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم من الخمس وكان له الصفي وسهم من الغنيمة كسهم رجل من الجند إذا شهد القتال. وروى أبو حمزة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لوفد عبد القيس: " آمركم بأربع شهادة أن لا إله إلا الله وتقيموا الصلاة وتعطوا سهم الله من الغنائم والصفي ".
واختلف السلف في سهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، فروى سفيان عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد ابن الحنفية قال: " اختلف الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهم الرسول وسهم ذي القربى، فقالت طائفة: سهم الرسول للخليفة من بعده، وقالت طائفة سهم ذي القربى لقرابة الخليفة، وأجمعوا على أن جعلوا هذين السهمين في الكراع والعدة في سبيل الله ". قال أبو بكر: سهم النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان له ما دام حيا، فلما توفي سقط سهمه كما سقط الصفي بموته، فرجع سهمه إلى جملة الغنيمة كما رجع إليها ولم يعد للنوائب.
واختلف في سهم ذوي القربى، فقال أبو حنيفة في الجامع الصغير: " يقسم الخمس على ثلاثة أسهم، للفقراء والمساكين وابن السبيل ". وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: " خمس الله والرسول واحد، وخمس ذوي القربى لكل صنف سماه الله تعالى في هذه الآية خمس الخمس ". وقال الثوري: " سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس هو خمس الخمس وما بقي فللطبقات التي سمى الله تعالى ". وقال مالك: " يعطى من
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»