يقتضي أن يكونوا متساوين، لأن قوله: (غنمتم) عبارة عن ملكهم له.
وقد اختلف في سهم الفارس.
ذكر الخلاف في ذلك قال أبو حنيفة: " للفارس سهمان وللراجل سهم ". وقال أبو يوسف ومحمد وابن أبي ليلى ومالك والثوري والليث والأوزاعي والشافعي: " للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم ". وروي مثل قول أبي حنيفة عن المنذر بن أبي حمصة عامل عمر أنه جعل للفارس سهمين وللراجل سهما فرضيه عمر. ومثله عن الحسن البصري. وروى شريك عن أبي إسحاق قال: قدم قثم بن العباس على سعيد بن عثمان بخراسان وقد غنموا، فقال: أجعل جائزتك أن أضرب لك بألف سهم؟ فقال: اضرب لي بسهم ولفرسي بسهم.
قال أبو بكر: قد بينا أن ظاهر الآية يقتضي المساواة بين الفارس والراجل، فلما اتفق الجميع على تفضيل الفارس بسهم فضلناه وخصصنا به للظاهر وبقي حكم اللفظ فيما عداه. وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا يعقوب بن غيلان العماني قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي قال: حدثنا عبد الله بن رجاء عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين وللراجل سهما "، قال عبد الباقي: لم يجىء به عن الثوري غير محمد بن الصباح.
قال أبو بكر: وقد حدثنا عبد الباقي قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال: حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه ". وقد اختلف حديث عبيد الله بن عمر في ذلك، وجائز أن يكونا صحيحين بأن يكون أعطاه بديا سهمين وهو المستحق ثم أعطاه في غنيمة أخرى ثلاثة أسهم وكان السهم الزائد على وجه النفل، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع المستحق، وجائز أن يتبرع بما ليس بمستحق على وجه النفل كما ذكر ابن عمر في حديث قد قدمنا ذكر سنده أنه كان في سرية قال: فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا. وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا الحسن بن الكميت الموصلي قال: حدثنا صبح بن دينار قال: حدثنا عفيف بن سالم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم يوم بدر للفارس سهمين وللراجل سهما "، وهذا إن ثبت فلا حجة فيه لأبي حنيفة، لأن قسمة يوم بدر لم تكن مستحقة للجيش، لأن الله تعالى جعل الأنفال للرسول صلى الله عليه وسلم وخيره في إعطائه من رأى، ولو لم يعطهم شيئا لكان جائزا، فلم تكن قسمة الغنيمة مستحقة يومئذ وإنما وجبت بعد