قصاب ذبح شاة ونسي أن يذكر اسم الله عليها، فأمره ابن عمر أن يقوم عنده فإذا جاء انسان يشتري قال: ابن عمر يقول إن هذه لم يذكها فلا تشتر ". وروى شعبة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يذبح فينسى أن يسمي قال: " أحب إلي أن لا يأكل ".
وظاهر الآية موجب لتحريم ما ترك اسم الله عليه ناسيا كان ذلك أو عامدا، إلا أن الدلالة قد قامت عندنا على أن النسيان غير مراد به، فأما من أباح أكله مع ترك التسمية عمدا فقوله مخالف للآية غير مستعمل لحكمها بحال، هذا مع مخالفته للآثار المروية في إيجاب التسمية على الصيد والذبيحة.
فإن قيل: إن المراد بالنهي الذبائح التي ذبحها المشركون، ويدل عليه ما روى شريك عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال المشركون: أما ما قتل ربكم فمات فلا تأكلونه وأما ما قتلتم أنتم وذبحتم فتأكلونه! فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) قال: " الميتة ". ويدل على ذلك قوله تعالى في نسق التلاوة: (ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) فإذا كانت الآية في الميتة وفي ذبائح المشركين فهي مقصورة الحكم ولم يدخل فيها ذبائح المسلمين. قيل له:
نزول الآية على سبب لا يوجب الاقتصار بحكمها عليه بل الحكم للعموم إذا كان أعم من السبب، فلو كان المراد ذبائح المشركين لذكرها ولم يقتصر على ذكر ترك التسمية وقد علمنا أن المشركين وإن سموا على ذبائحهم لم تؤكل مثل ذلك على أنه لم يرد ذبائح المشركين إذ كانت ذبائحهم غير مأكولة سموا الله عليها أو لم يسموا، وقد نص الله تعالى على تحرى ذبائح المشركين في غير هذه الآية وهو قوله تعالى: (وما ذبح على النصب) [المائدة: 3]. وأيضا فلو أراد ذبائح المشركين أو الميتة لكانت دلالة الآية قائمة على فساد التذكية بترك التسمية، إذ جعل ترك التسمية علما لكونه ميتة، فدل ذلك على أن كل ما تركت التسمية عليه فهو ميتة. وعلى أنه قد روي عن ابن عباس ما يدل على أن المراد التسمية دون ذبيحة الكافر، وهو ما رواه إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس:
(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) قال: " كانوا يقولون: ما ذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه و ما لم يذكر اسم الله عليه فكلوه، فقال الله تعالى: (و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) "، فأخبر ابن عباس في هذا الحديث أن المجادلة منهم كانت في ترك التسمية و أن الآية نزلت في إيجابها لا من طريق ذبائح المشركين و لا الميتة.
ويدل على أن ترك التسمية عامدا يفسد الذكاة قوله تعالى: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين) [المائدة: 4] إلى قوله:
(واذكروا اسم الله عليه) [المائدة: 2]، ومعلوم أن ذلك أمر يقتضي الإيجاب وأنه غير