شيء مما جزأوا لشركائهم ما جزأوا لله تعالى ردوه على شركائهم، وكانوا إذا أصابتهم السنة استعانوا بما جزأوا لله تعالى ووفروا ما جزأوا لشركائهم ". وقيل: " إنهم كانوا إذا هلك الذي لأوثانهم أخذوا بدله مما لله تعالى ولا يفعلون مثل ذلك فيما لله تعالى "، قال ذلك الحسن والسدي. وقيل: " إنهم كانوا يصرفون بعض ما جعلوه لله في النفقة على أوثانهم ولا يفعلون مثل ذلك فيما جعلوه للأوثان ". وإنما جعل الأوثان شركاءهم لأنهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونها عليها فشاركوها كل في نعمهم.
قوله تعالى: (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر). قال الضحاك: " الحرث الزرع الذي جعلوه لأوثانهم، وأما الأنعام التي ذكرها أولا فهو ما جعلوه لأوثانهم كما جعلوا الحرث للنفقة عليها في سدنتها وما ينوب من أمرها ". وقيل: " ما جعل منها قربانا للأوثان "، وأما الأنعام التي ذكرت ثانيا فإن الحسن ومجاهدا قالا: " هي السائبة والوصيلة والحامي "، وأما التي ذكرت ثالثا فإن السدي وغيره قالوا: " هي التي إذا ولدوها أو ذبحوها أو ركبوها لم يذكروا اسم الله عليها "، وقال أبو وائل: " هي التي لا يحجون عليها ". وقوله تعالى: (حجر) قال قتادة: " يعني حرام " وأصله المنع، قال الله تعالى:
(ويقولون حجرا محجورا) [الفرقان: 22]، أي حراما محرما.
قوله تعالى: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا). قال ابن عباس:
" يعنون اللبن ". وقال سعيد عن قتادة: " ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا: البحائر كانت للذكور دون النساء، وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكورهم وإناثهم ".
قوله تعالى: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله) قال قتادة: " يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، تحريما من الشيطان في أموالهم ". وقال مجاهد والسدي: " (ما في بطون هذه الأنعام) يعني بها الأجنة ". وقال غيرهم: " أراد بها الألبان والأجنة جميعا ". والخالص هو الذي يكون على معنى واحد لا يشوبه شيء من غيره كالذهب الخالص، ومنه إخلاص التوحيد وإخلاص العمل لله تعالى. وإنما أنث (خالصة) على المبالغة في الصفة، كالعلامة والراوية وقيل: على تأنيث المصدر نحو العاقبة والعافية، ومنه: (بخالصة ذكرى الدار) [ص: 46]، وقيل:
لتأنيث ما في بطونها من الأنعام، ويقال: فلان خالصة فلان وخلصانه.
وقوله تعالى: (وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء)، يعني أجنة الأنعام إذا كانت ميتة استوى ذكرهم وأناثهم فيها فأكلوها جميعا. قال أبو بكر: وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا أردت أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام