إلى قوله: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين).
قوله تعالى: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات) إلى قوله:
(وآتوا حقه يوم حصاده). قال ابن عباس والسدي: (معروشات) ما عرش الناس من الكروم ونحوها، وهو رفع بعض أغصانها على بعض. وقيل إن تعريشه أن يحضر عليه بحائط، وأصله الرفع، ومنه: (خاوية على عروشها) [البقرة: 259] [الكهف: 42] [الحج: 45]، أي على أعاليها وما ارتفع منها، والعرش السرير لارتفاعه. ذكر الله تعالى الزرع والنخل والزيتون والرمان ثم قال: (كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) وهو عطف على جميع المذكور، فاقتضى ذلك إيجاب الحق في سائر الزروع والثمار المذكورة على الآية.
وقد اختلف في المراد بقوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده)، فروي عن ابن عباس وجابر بن زيد ومحمد ابن الحنفية والحسن وسعيد بن المسيب وطاوس وزيد بن أسلم وقتادة والضحاك: " أنه العشر ونصف العشر ". وروي عن ابن عباس رواية أخرى ومحمد ابن الحنفية والسدي وإبراهيم: " نسخها العشر ونصف العشر ". وعن الحسن قال: " نسختها الزكاة ". وقال الضحاك: " نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن ". وروي عن ابن عمر ومجاهد: " أنها محكمة وأنه حق واجب عند الصرام غير الزكاة ". وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه نهى عن جداد الليل وعن صرام الليل "، قال سفيان بن عيينة: هذا لأجل المساكين كي يحضروا. قال مجاهد: إذا حصدت طرحت للمساكين منه، وكذلك إذا نقيت وإذا كدست، ويتركون يتبعون آثار الحصادين، وإذا أخذت في كيله حثوت لهم منه، وإذا علمت كيله عزلت زكاته، وإذا أخذت في جداد النخل طرحت لهم منه، وكذلك إذا أخذت في كيله، وإذا علمت كيله عزلت زكاته. وما روي عن ابن عباس ومحمد ابن الحنفية وإبراهيم أن قوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) منسوخ بالعشر ونصف العشر، يبين أن مذهبهم تجويز نسخ القرآن بالسنة. وقد اختلف الفقهاء فيما يجب فيه العشر من وجهين: أحدهما في الصنف الموجب فيه، والآخر في مقداره.
ذكر الخلاف في الموجب فيه قال أبو حنيفة وزفر: " في جميع ما تخرجه الأرض العشر إلا الحطب والقصب والحشيش ". وقال أبو يوسف ومحمد: " لا شيء فيما تخرجه الأرض إلا ما كان له ثمرة باقية ". وقال مالك: " الحبوب التي تجب فيها الزكاة الحنطة والشعير والسلت والذرة