شهدوها أو لم يشهدوها دون من سواهم، لأن الله تعالى كان وعدهم إياها بقوله:
(و أخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها) [الفتح: 21] بعد قوله: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) [الفتح: 20]. وقد روى أبو بردة عن أبي موسى قال:
" قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر بثلاث، فقسم لنا ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا ". فذكر في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم لأبي موسى وأصحابه من غنائم خيبر ولم يشهدوا الوقعة ولم يقسم فيها لأحد لم يشهد الوقعة. وهذا يحتمل أن يكون لأنهم كانوا من أهل الحديبية، ويحتمل أن يكون بطيبة أنفس أهل الغنيمة، كما ورى خثيم بن عراك عن أبيه عن نفر من قومه أن أبا هريرة قدم المدينة هو ونفر من قومه، قال: فقدمنا وقد خرج رسول الله، فخرجنا من المدينة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افتتح خيبر، فكلم الناس فأشركونا في سهامهم. فليس في شئ من هذه الأخبار دلالة على أن المدد إذا ألحق بالجيش وهم في دار الحرب أنهم لا يشركونهم في الغنيمة. وقد روى قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم أهل الكوفة وظهروا، فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة، وكان عمار على أهل الكوفة، فقال رجل من بني عطارد: أيها الأجدع تريد أن تشاركنا في غنائمنا! فقال: جير إذ بي سبيت، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب عمر في ذلك: أن الغنيمة لمن شهد الوقعة. وهذا أيضا لا دلالة فيه على خلاف قولنا، لأن المسلمين ظهروا على نهاوند وصارت دار الاسلام إذ لم يبق للكفار هناك فئة، فإنما قال: " إن الغنيمة لمن شهد الوقعة منهم " لأنهم لحقوهم بعد ما صارت دار الاسلام، ومع ذلك فقد رأى عمار ومن معه أن يشركوهم، ورأى عمر أن لا يشركوهم لأنهم لحقوه بعد حيازة الغنيمة في دار الاسلام لأن الأرض صارت من دار الاسلام.
باب سهمان الخيل قال الله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) قال أبو بكر: ظاهره يقتضي المساواة بين الفارس والراجل، وهو خطاب لجميع الغانمين وقد شملهم هذا الاسم، ألا ترى أن قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) [النساء:
11] قد عقل من ظاهره استحقاقهن للثلثين على المساواة؟ وكذلك من قال: هذا العبد لهؤلاء أنه لهم بالمساواة ما لم يذكر التفضيل، كذلك مقتضى قوله تعالى: (غنمتم)