أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٥٩٠
وجوه وشق جيوب ورنة شيطان ". قال أبو بكر: هو عموم في جميع طاعة الله، لأنها كلها معروف، وترك النوح أحد ما أريد بالآية، وقد علم الله أن نبيه لا يأمر إلا بمعروف إلا أنه شرط في النهي عن عصيانه إذا أمرهن بالمعروف لئلا يترخص أحد في طاعة السلاطين إذا لم تكن طاعة لله تعالى، إذ كان الله تعالى قد شرط في طاعة أفضل البشر فعل المعروف، وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أطاع مخلوقا في معصية الخالق سلط الله عليه ذلك المخلوق " وفي لفظ آخر: " عاد حامده من الناس ذاما ". وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم بالمخاطبة في قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) لأن بيعة من أسلم كان مخصوصا بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعم المؤمنين بذكر المحنة في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) لأنه لم يكن يختص بها النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، ألا ترى أنا نمتحن المهاجرة الآن؟ والله أعلم بالصواب.
آخر سورة الممتحنة.
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»