ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال: كنت امرءا أصيب من النساء، وذكر قصة ظهاره من امرأته وأنه جامع امرأته وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " حرر رقبة "، فقلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها! وضربت صفحة رقبتي، قال: " فصم شهرين متتابعين "، قال: وهل أصبت والذي أصبت إلا من الصيام؟ قال: " فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا "، قلت:
والذي بعثك بالحق نبيا لقد بتنا وحشين وما لنا طعام! قال: " فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها ".
فإن قيل: روى إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار: أن خولة بنت مالك بن ثعلبة ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مريه فليذهب إلى فلان فإن عنده شطر وسق فليأخذه صدقة عليه ثم يتصدق به على ستين مسكينا ". وروى عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خولة: " أن زوجها ظاهر منها، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يتصدق بخمسة عشر صاعا على ستين مسكينا ". قيل له: قد روينا حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء وأنه أمره بأن يطعم وسقا من تمر ستين مسكينا، وهذا أولى لأنه زائد على خبرك. وأيضا فجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعانه بهذا القدر، ولا دلالة فيه على أن ذلك جميع الكفارة، وقد بين ذلك في حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن يزيد بن زيدان زوج خولة ظاهر منها وذكر الحديث، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا، وهذا يدل على أنه أعانه ببعض الكفارة. وقد روي ذلك أيضا في حديث يوسف بن عبد الله بن سلام، رواه يحيى بن زكريا عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: حدثتني خولة بنت مالك بن ثعلبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعان زوجها حين ظاهر منها بعذق من تمر وأعانته هي بعذق آخر، وذلك ستون صاعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تصدق به ".
واختلفوا في المظاهر هل يجامع قبل أن يطعم؟ فقال أصحابنا ومالك والشافعي:
" لا يجامع حتى يطعم إذا كان فرضه الطعام ". روى زيد بن أبي الزرقاء عن الثوري: " أنه إذا أراد أن يطأها قبل أن يطعم لم يكن آثما ". وروى المعافى والأشجعي عن الثوري:
" أنه لا يقربها حتى يطعم "، قال النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر بعد ما ذكر عجزه عن الصيام: " ثم لا يقربها حتى يكفر ". وأيضا لما اتفق الجميع على أن الجماع محظور عليه قبل عتق الرقبة وجب بقاء حظره إذا عجز، إذ جائز أن يجد الرقبة قبل الإطعام فيكون الوطء واقعا قبل العتق.