جلابيبهن). روي عن عبد الله قال: " الجلباب الرداء ". وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد:
" يتجلببن ليعلم أنهن حرائر ولا يعرض لهن فاسق ". وروى محمد بن سيرين عن عبيدة:
(يدنين عليهن من جلابيبهن) قال: تقنع عبيدة وأخرج إحدى عينيه. وحدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الحسن قال: " كن إماء بالمدينة يقال لهن كذا وكذا يخرجن فيتعرض لهن السفهاء فيؤذونهن، وكانت المرأة الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة فيتعرضون لها فيؤذونها، فأمر الله المؤمنات أن يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن أنهن حرائر فلا يؤذين ".
وقال ابن عباس ومجاهد: " تغطي الحرة إذا خرجت جبينها ورأسها خلاف حال الإماء ".
وحدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أبي خيثم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة قالت: " لما نزلت هذه الآية: (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء من الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها ".
قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن. وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها، لأن قوله تعالى: (ونساء المؤمنين) ظاهره أنه أراد الحرائر، وكذا روي في التفسير، لئلا يكن مثل الإماء اللاتي هن غير مأمورات بستر الرأس والوجه، فجعل الستر فرقا يعرف به الحرائر من الإماء. وقد روي عن عمر أنه كان يضرب الإماء ويقول: اكشفن رؤوسكن ولا تشبهن بالحرائر.
قوله تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة) الآية. حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: " أن ناسا من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم، فنزلت: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم) أي لنحرشنك ".
وقال ابن عباس: " لنغرينك بهم: لنسلطنك عليهم، ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا، بالنفي عنها ". قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن الإرجاف بالمؤمنين والإشاعة بما يغمهم ويؤذيهم يستحق به التعزير والنفي إذا أصر عليه ولم ينته عنه، وكان قوم من المنافقين وآخرون ممن لا بصيرة لهم في الدين - وهم الذين في قلوبهم مرض وهو ضعف اليقين - يرجفون باجتماع الكفار والمشركين وتعاضدهم ومسيرهم إلى المؤمنين فيعظمون شأن الكفار بذلك عندهم ويخوفونهم، فأنزل الله تعالى فيهم، وأخبر تعالى باستحقاقهم