أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٤٥٤
ومن سورة العنكبوت بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه حسنا). روى أبو عبيدة عن عبد الله قال:
قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: " الصلوات لوقتهن " قلت: ثم مه؟ قال:
" الجهاد في سبيل الله " قلت: ثم مه؟ قال: " بر الوالدين ". وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ". والآية والخبر يدلان معا على أنه لا يجوز للرجل أن يقتل أباه وإن كان مشركا، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم حنظلة بن أبي عامر عن قتل أبيه وكان مشركا، ويدل على أنه لا يقتص للولد من الوالد.
قوله تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر). روى ابن مسعود وابن عباس: " تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ". وقال ابن مسعود: " الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها ". قال أبو بكر: يعني القيام بموجبات الصلاة من الإقبال عليها بالقلب والجوارح، وإنما قيل تنهى عن الفحشاء والمنكر لأنها تشتمل على أفعال وأذكار لا يتخللها غيرها من أمور الدنيا، وليس شيء من الفروض بهذه المنزلة فهي تنهى عن المنكر وتدعو إلى المعروف بمعنى أن ذلك مقتضاها وموجبها لمن قام بحقها. وعن الحسن قال: " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا ". وقيل:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: إن فلانا يصلي بالليل ويسرق بالنهار، فقال: " لعل صلاته تنهاه ".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " حبب إلي من دنياكم الثلاث: النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ". وروي عن بعض السلف قال: لم تكن الصلاة قرة عينه ولكنه كان إذا دخل الصلاة يرى فيها ما تقر عينه.
قوله تعالى: (ولذكر الله أكبر)، قال ابن عباس وابن مسعود وسلمان ومجاهد:
" ذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته ". وروي عن سلمان أيضا وأم الدرداء وقتادة: " ذكر العبد لربه أفضل من جميع عمله ". وقال السدي: " ذكر الله في الصلاة أكبر من الصلاة ".
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»