أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٤٤٩
قال أبو بكر: يحتمل أن يريد به الغناء على ما تأولوه عليه ويحتمل أيضا القول بما لا علم للقائل به، وهو على الأمرين لعموم اللفظ.
قوله تعالى: (وإذا مروا باللغو مروا كراما)، قال سعيد بن جبير ومجاهد: " إذا أوذوا مروا كراما صفحوا ". وروى أبو مخزوم عن سنان: (إذا مروا باللغة مروا كراما) قال: " إذا مروا بالرفث كنوا ". وقال الحسن: " اللغو كله المعاصي ". قال السدي: هي مكية. قال أبو بكر: يعني أنه قبل الأمر بقتال المشركين.
وقوله تعالى: (إن عذابها كان غراما) قيل: " لازما ملحا دائما "، ومنه الغريم لملازمته وإلحاحه، وإنه لمغرم بالنساء أي ملازم لهن لا يصبر عنهن، وقال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما وإن يع * بط جزيلا فإنه لا يبالي وقال بشر بن أبي حازم:
يوم النساء ويوم الجفا * ركانا عذابا وكانا غراما قال لنا أبو عمر غلام ثعلب: أصل الغرم اللزوم في اللغة، وذكر نحوا مما قدمنا.
ويسمى الدين غرما ومغرما وفي لأنه يقتضي اللزوم والمطالبة، فيقال للطالب الغريم لأن له اللزوم وللمطلوب غريم لأنه يثبت عليه اللزوم، وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه " يعني دينه الذي هو مرهون به. وزعم الشافعي أن الغرم الهلاك، قال أبو عمر: وهذا خطأ في اللغة. وروي عن الحسن أنه قال: " ليس غريم إلا مفارقا غريمه غير جهنم فإنها لا تفارق غريمها ".
قوله تعالى: (قرة أعين)، قال الحسن: " قرة الأعين في الدنيا وهو أن يرى العبد من زوجته ومن أخيه طاعة الله تعالى " وقال: " والله ما شيء أقر لعين المسلم من أيرى ولده أو والده أو ولد ولده أو أخاه أو حميما مطيعا لله تعالى ". وعن سلمة بن كهيل: " أقر بهم عينا أن يطيعوك ". وروى أبو أسامة عن الأحوص بن حكيم عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رزق إيمانا وحسن خلق فذاك إمام المتقين ". وقال مجاهد والحسن: (واجعلنا للمتقين إماما) " نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا ".
وقوله تعالى: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم)، قال مجاهد: ما يصنع بكم ربي وهو لا يحتاج إليكم لولا دعاؤه إياكم إلى طاعته لتنتفعوا أنتم بذلك. آخر سورة الفرقان.
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»