أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٢٦٧
" وشاركهم في الأولاد يعني الزنا ". وقال ابن عباس: " الموءودة " وقال الحسن وقتادة:
" من هودوا ونصروا ". وقال ابن عباس رواية: " تسميتهم عبد الحارث وعبد شمس ". قال أبو بكر: لما احتمل هذه الوجوه كان محمولا عليها وكان جميعها مرادا، إذ كان ذلك مما للشيطان نصيب في الإغراء به والدعاء إليه.
قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم)، أطلق ذلك على الجنس وفيهم الكافر المهان على وجهين، أحدهما: أنه كرمهم بالإنعام عليهم وعاملهم معاملة المكرم بالنعمة على وجه المبالغة في الصفة، والوجه الآخر: أنه لما كان فيهم من على هذا المعنى أجرى الصفة على جماعتهم كقوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) [آل عمران: 110] لما كان فيهم من هو كذلك أجرى الصفة على الجماعة.
قوله تعالى: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم)، قيل: إنه يقال هاتوا متبعي إبراهيم هاتوا متبعي موسى هاتوا متبعي محمد صلى الله عليه وسلم! فيقوم الذين اتبعوا الأنبياء واحدا واحدا فيأخذون كتبهم بأيمانهم، ثم يدعو بمتبعي أئمة الضلال على هذا المنهاج. قال مجاهد وقتادة: " إمامه نبيه ". وقال ابن عباس والحسن والضحاك: " إمامه كتاب عمله ". وقال أبو عبيدة: " بمن كانوا يأتمون به في الدنيا ". وقيل: " بإمامهم بكتابهم الذي أنزل الله عليهم فيه الحلال والحرام والفرائض ".
قوله تعالى: (ومن كان في هذه أعمى)، روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة:
" من كان في أمر هذه الدنيا وهي شاهدة له من تدبيرها وتصريفها وتقليب النعم فيها أعمى عن اعتقاد الحق الذي هو مقتضاها، وهو في الآخرة التي هي غائبة عنه أعمى وأضل سبيلا ".
قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل). روي عن ابن مسعود وأبي عبد الرحمن السلمي قالا: " دلوكها غروبها ". وعن ابن عباس وأبي برزة الأسلمي وجابر وابن عمر: " دلوك الشمس ميلها "، وكذلك روي عن جماعة من التابعين. قال أبو بكر: هؤلاء الصحابة قالوا إن الدلوك الميل، وقولهم مقبول فيه لأنهم من أهل اللغة، وإذا كان كذلك جاز أن يراد به الميل للزوال والميل للغروب، فإن كان المراد الزوال فقد انتظم صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة إذ كانت هذه أوقات متصلة بهذه الفروض، فجاز أن يكون غسق الليل غاية لفعل هذه الصلوات في مواقيتها. وقد روي عن أبي جعفر أن غسق الليل انتصافه، فيدل ذلك على أنه آخر الوقت المستحب لصلاة العشاء الآخرة وأن تأخيرها إلى ما بعده مكروه. ويحتمل أن يريد به غروب الشمس، فيكون المراد بيان وقت المغرب أنه من غروب الشمس إلى غسق الليل.
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»