أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له سلبة وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء ". وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا وكيع عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي قال: قلت: يا رسول الله إن لي نحلا، قال: " أد العشر " قال: فقلت: يا رسول الله احمها لي! فحماها لي. وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا محمد بن شاذان قال: حدثنا معلى قال:
أخبرني عبد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن عمر بن شعيب قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز يأمرنا أن نعطي زكاة العسل ونحن بالطواف العشر، يسند ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا محمد بن يعقوب إمام مسجد الأهواز قال: حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني قال: حدثنا أبو حفص العبدي قال: حدثنا صدقة عن موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في كل عشرة أزقاق من العسل زق ". ولما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم في العسل العشر دل ذلك على أنه أجراه مجرى الثمر وما تخرجه الأرض مما يجب فيه العشر، فقال أصحابنا: إذا كان في أرض العشر ففيه العشر وإذا كان في أرض الخراج فلا شيء فيه لأن الثمرة في أرض الخراج لا يجب فيها شيء، وإذا كان في أرض العشر يجب فيها العشر فكذلك العسل. وقد استقصينا القول في هذه المسائل ونظائرها من مسائل الزكاة في شرح مختصر أبي جعفر الطحاوي، وإنما ذكرنا هنا جملا منها بما يتعلق الحكم فيه بظاهر الآية.
وقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة) يدل على أن أخذ الصدقات إلى الإمام، وأنه متى أداها من وجبت عليه إلى المساكين لم يجزه لأن حق الإمام قائم في أخذها فلا سبيل له إلى إسقاطه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه العمال على صدقات المواشي ويأمرهم بأن يأخذوها على المياه في مواضعها، وهذا معنى ما شرطه النبي صلى الله عليه وسلم لوفد ثقيف بأن لا يحشروا ولا يعشروا يعني لا يكلفون إحضار المواشي إلى المصدق ولكن المصدق يدور عليهم في مياههم ومظان مواشيهم فيأخذها منهم، وكذلك صدقة الثمار. وأما زكوات الأموال فقد كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، ثم خطب عثمان فقال: " هذا شهر زكواتكم فمن كان عليه دين فليؤده ثم ليزك بقية ماله " فجعل لهم أداءها إلى المساكين، وسقط من أجل ذلك حق الإمام في أخذها لأنه عقد عقده إمام من أئمة العدل، فهو نافذ على الأمة لقوله صلى الله عليه وسلم: " ويعقد عليهم أولهم "، ولم يبلغنا أنه بعث سعاة على زكوات الأموال كما بعثهم على صدقات المواشي والثمار في ذلك، لأن سائر الأموال غير ظاهرة للإمام، وإنما تكون مخبوءة في الدور والحوانيت والمواضع الحريزة، ولم يكن جائزا للسعاة دخول أحرازهم ولم يجز أن يكلفوهم إحضارها كما لم يكلفوا
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»