تزهدا، لأن الله تعالى قد نهى عن تحريمها وأخبر بإباحتها في قوله: (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا)، ويدل على أنه لا فضيلة في الامتناع من أكلها. وقد روى أبو موسى الأشعري أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج. وروي أنه كان يأكل الرطب والبطيخ.
وروى غالب بن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل الدجاج حبسها ثلاثة أيام فعلفها ثم أكلها ". وروى إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال:
سمعت ابن عباس يقول: " كل ما شئت واكتس ما أخطأت اثنتين سرفا أو مخيلة ". وقد روي أن عثمان وعبد الرحمن بن عوف والحسن بن علي وعبد الله بن أبي أوفى وعمران بن حصين وأنس بن مالك وأبا هريرة وشريحا كانوا يلبسون الخز. ويدل على نحو دلالة الآية التي ذكرنا في أكل إباحة الطيبات قوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) [الأعراف: 32]، وقوله عقيب ذكره لما خلق من الفواكه: (متاعا لكم) [المائدة: 96].
مطلب: في تحريم إيقاع الطلاق الثلاث ويحتج بقوله: (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) في تحريم إيقاع الطلاق الثلاث لما فيه من تحريم المباح من المرأة.
باب الأيمان مطلب: في اليمين اللغو قال الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) عقيب نهيه عن تحريم ما أحل الله. قال ابن عباس: " لما حرموا الطيبات من المآكل والمناكح والملابس حلفوا على ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية ". وأما اللغو فقد قيل فيه إنه مالا يعتد به، ومنه قول الشاعر:
أو مائة تجعل أولادها * لغوا وعرض المائة الجلمد يعني نوقا لا تعتد بأولادها. فعلى هذا لغو اليمين ما لا يعتد به ولا حكم له. وروى إبراهيم الصائغ عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي وابن عبدوس قالا: حدثنا محمد بن بكار: حدثنا حسان بن إبراهيم عن إبراهيم الصائغ عن عطاء، وسئل عن اللغو في اليمين فقال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هو كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله ". وروى إبراهيم عن الأسود وهشام بن