أحدا بعدما شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنا كنا معه في سفر، فنزل لحاجته ثم جاء فتوضأ ومسح على ناصيته وجانبي عمامته ". وروى سليمان التيمي عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن المغيرة عن أبيه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ومسح على ناصيته ووضع يده على العمامة أو مسح على العمامة ". وحدثنا عبيد الله بن الحسين قال: حدثنا محمد بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا كردوس بن أبي عبيد الله قال: حدثنا المعلى بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عطاء عن ابن عباس قال: " توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه مسحة واحدة بين ناصيته وقرنه " فثبت بما ذكرنا من ظاهر الكتاب والسنة أن المفروض مسح بعض الرأس.
فإن قيل: يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما اقتصر على مسح الناصية لضرورة، أو كان وضوء من لم يحدث. قيل له: إنه لو كان هناك ضرورة لنقلت كما نقل غيره، وأما كونه وضوء من لم يحدث فإنه تأويل ساقط، لأن في حديث المغيرة بن شعبة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته ثم توضأ ومسح على ناصيته " ولو ساغ هذا التأويل في مسح الناصية لساغ في المسح على الخفين حتى يقال إنه مسح لضرورة أو كان وضوء من لم يحدث.
واحتج من قال بمسح الجميع بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه مسح مقدم رأسه ومؤخره " قال: فلو كان المفروض بعضه لما مسح النبي صلى الله عليه وسلم جميعه، ولوجب أن يكون من مسح جميع رأسه متعديا، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثلاثا ثلاثا وقال: " من زاد فقد اعتدى وظلم ". فيقال له: لا يمتنع أن يكون المفروض البعض والمسنون الجميع، كما أن المفروض في الأعضاء المغسولة مرة والمسنون ثلاثا، فلا يكون الزائد على المفروض معتديا إذ أصاب السنة، وكما أن المفروض من المسح على الخفين هو بعض ظاهرهما ولو مسح ظاهرهما وباطنهما لم يكن معتديا، وكما أن فرض القراءة على قولنا آية وعلى قول مخالفينا فاتحة الكتاب، والمسنون عند الجميع قراءة فاتحة الكتاب وشئ معها، والمفروض من غسل الوجه ظاهره والمسنون غسل ذلك والمضمضة والاستنشاق، والمفروض مسح الرأس والمسنون مسح الأذنين معه، وكما يقول مخالفنا إن المفروض من مسح الرأس هو الأكثر وإن ترك القليل جائز ولو مسح الجميع لم يكن متعديا بل كان مصيبا، كذلك نقول إن المفروض مسح البعض والمسنون مسح الجميع. وإنما قال أصحابنا إن المفروض مقدار ثلاثة أصابع في إحدى الروايتين وهي رواية الأصل، وفي