أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٣٩٣
وقوله تعالى: (غير متجانف لإثم) قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد والسدي: " غير معتمد عليه " فكأنه قال: غير معتمد بهواه إثم، وذلك بأن يتناول منه بعد زوال الضرورة.
مطلب: اسم الطيبات يطلق على الحلال وعلى المستلذ وقوله عز وجل: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات) اسم الطيبات يتناول معنيين، أحدهما: الطيب المستلذ، والآخر: الحلال، وذلك لأن ضد الطيب هو الخبيث، والخبيث حرام، فإذا الطيب حلال، والأصل فيه الاستلذاذ، فشبه الحلال به في انتفاء المضرة منهما جميعا، وقال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات) [المؤمنون:
51] يعني الحلال، وقال: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) [الأعراف:
157] فجعل الطيبات في مقابلة الخبائث، والخبائث هي المحرمات، وقال تعالى:
(فانكحوا ما طاب لكم من النساء) [النساء: 3] وهو يحتمل: ما حل لكم، ويحتمل:
ما استطبتموه.
مطلب: يحتج بظاهر هذه الآية في إباحة جميع المستلذات إلا ما خصه الدليل فقوله: (قل أحل لكم الطيبات) جائز أن يريد به ما استطبتموه واستلذتموه مما لا ضرر عليكم في تناوله من طريق الدين، فيرجع ذلك إلى معنى الحلال الذي لا تبعة على متناوله، وجائز أن يحتج بظاهره في إباحة جميع الأشياء المستلذة إلا ما خصه الدليل.
مطلب: في أمره عليه السلام أبا رافع بقتل الكلاب قوله تعالى: (وما علمتم من الجوارح) حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا يعقوب بن غيلان العماني قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا يحيى بن زكريا قال:
حدثنا إبراهيم بن عبيد قال: حدثني أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقتل الكلاب، فقال الناس: يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فأنزل الله: (قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح) الآية. حدثنا عبد الباقي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل وابن عبدوس بن كامل قالا: حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي قال: حدثنا أبو معشر النواء قال:
حدثنا عمرو بن بشير قال: حدثنا عامر الشعبي عن عدي بن حاتم قال: لما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد الكلاب لم يدر ما يقول لي حتى نزلت: (وما علمتم من الجوارح
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»