حية ميتة " وذلك لأنه لا محالة إنما يحدث الموت بعد القطع، فقد بان ذلك العضو منها وهي حية فهو ميتة، وما يلي الرأس كله مذكى كما لو قطع رجلها أو جرحها في غير موضع الذكاة ولم يبن منها شيئا، فيكون ذلك ذكاة لها لتعذر قطع موضع الذكاة.
فصل وأما الدين فأن يكون الرامي أو المصطاد مسلما أو كتابيا، وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. وأما التسمية فهي أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح أو عند الرمي أو إرسال الجوارح والكلب إذا كان ذاكرا، فإن كان ناسيا لم يضره ترك التسمية، وسيأتي الكلام فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.
مطلب: في الفرق بين الصنم والنصب وأما قوله تعالى: (وما ذبح على النصب) فإنه روي عن مجاهد وقتادة وابن جريج أن النصب أحجار منصوبة كانوا يعبدونها ويقربون الذبائح لها، فنهى الله عن أكل ما ذبح على النصب لأنه مما أهل به لغير الله. والفرق بين النصب والصنم أن الصنم يصور وينقش، وليس كذلك النصب، لأن النصب حجارة منصوبة والوثن كالنصب سواء. ويدل على أن الوثن اسم يقع على ما ليس بمصور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعدي بن حاتم حين جاءه وفي عنقه صليب: " ألق هذا الوثن من عنقك " فسمى الصليب وثنا، فدل ذلك على أن النصب والوثن اسم لما نصب للعبادة وإن لم يكن مصورا ولا منقوشا. وهذه ذبائح قد كان أهل الجاهلية يأكلونها، فحرمها الله تعالى مع ما حرم من الميتة ولحم الخنزير وما ذكر في الآية مما كان المشركون يستبيحونه. وقد قيل إنها المرادة بالاستثناء المذكور في قوله تعالى: (أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم).
قوله تعالى: (وأن تستقسموا بالأزلام) قيل في الاستقسام وجهان: أحدهما طلب علم ما قسم له بالأزلام، والثاني: إلزام أنفسهم بما تأمرهم به القداح كقسم اليمين.
والاستقسام بالأزلام أن أهل الجاهلية كانوا إذا أراد أحدهم سفرا أو غزوا أو تجارة أو غير ذلك من الحاجات أجال القداح وهي الأزلام، وهي على ثلاثة أضرب: منها ما كتب عليه: " أمرني ربي " ومنها كتب عليه: " نهاني ربي " ومنها غفل لا كتابة عليه يسمى:
" المنيح ". فإذا خرج " أمرني ربي " مضى في الحاجة، وإذا خرج: " نهاني ربي " قعد عنها، وإذا خرج الغفل أجالها ثانية. قال الحسن: كانوا يعمدون إلى ثلاثة قداح، نحو ما وصفنا. وكذلك قال سائر أهل العلم بالتأويل. وواحد الأزلام " زلم " وهي القداح، فحظر الله تعالى ذلك، وكان من فعل أهل الجاهلية، وجعله فسقا بقوله: (ذلكم فسق) وهذا