أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٣٤٨
مطلب: فيما ذكره الخليل بن أحمد من تردد الشفق في الأبيض في الآفاق وعدم مغيبه قال أبو بكر: وحكى ابن قتيبة عن الخليل بن أحمد قال: راعيت البياض فرأيته لا يغيب البتة وإنما يستدير حتى يرجع إلى مطلع الفجر. قال أبو بكر: وهذا غلط، والمحنة بيننا وبينهم، وقد راعيته في البوادي في ليالي الصيف، والجو نقي والسماء مصحية فإذا هو يغيب قبل أن يمضي من الليل ربعه بالتقريب، ومن أراد أن يعرف ذلك فليجرب حتى يتبين له غلط هذا القول.
ومما يستدل به على أن المراد بالشفق البياض، أنا وجدنا قبل طلوع الشمس حمرة وبياضا قبلها وكان جميعا من وقت صلاة واحدة، إذ كانا جميعا من ضياء الشمس دون ظهور جرمها، كذلك يجب أن تكون الحمرة والبياض جميعا بعد غروبها من وقت صلاة واحدة، للعلة التي ذكرناها.
وقت العشاء الآخرة وأول لا وقت العشاء الآخرة من حين يغيب الشفق على اختلافهم فيه إلى أن يذهب نصف الليل في الوقت المختار، وفي رواية أخرى: حتى يذهب ثلث الليل، ويكره تأخيرها إلى بعد نصف الليل، ولا تفوت إلا بطلوع الفجر الثاني. وقال الثوري والحسن بن صالح: " وقت العشاء إذا سقط الشفق إلى ثلث الليل، والنصف أبعده ". قال أبو بكر: ويحتمل أن يكونا أرادا الوقت المستحب، لأنه لا خلاف بين الفقهاء أنها لا تفوت إلا بطلوع الفجر وأن من أدرك أو أسلم قبل طلوع الفجر أنه تلزمه العشاء الآخرة، وكذلك المرأة إذا طهرت من الحيض.
قوله تعالى: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون) الآية. هو حث على
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»