أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٢٨٣
ثلاثة دراهم أو أربعة دراهم، فإن أصابه أكثر من ذلك ضم إليهم أقرب القبائل في النسب من أهل الديوان، وإن كان القاتل ليس من أهل الديوان فرضت الدية على عاقلته الأقرب فالأقرب في ثلاث سنين من يوم يقضي بها القاضي، فيؤخذ في كل سنة ثلث الدية عند رأس كل حول ويضم إليهم أقرب القبائل منهم في النسب حتى يصيب الرجل منهم من الدية ثلاثة دراهم أو أربعة ". قال محمد بن الحسن: " ويعقل عن الحليف حلفاؤه ولا يعقل عنه قومه ". وقال عثمان البتي: " ليس أهل الديوان أولى بها من سائر العاقلة ".
وقال ابن القاسم عن مالك: " الدية على القبائل على الغنى على قدره ومن دونه على قدره حتى يصيب الرجل من مائة درهم ونصف " وحكي عنه أن ذلك يؤخذ من أعطياتهم. وقال الثوري: " تجعل الدية ثلثا في العام الذي أصيب فيه الرجل ولكن تكون عند الأعطية على الرجال ". وقال الحسن بن صالح: " العقل على رؤوس الرجال في أعطية المقاتلة ". وقال الليث: " العقل على القاتل وعلى القوم الذين يأخذ معهم العطاء ولا يكون على قومه منه شئ، وإن لم يكن فيهم من يحمل العقل ضم إلى ذلك أقرب القبائل إليهم ". وروى المزني في مختصره عن الشافعي: " أن العقل على ذوي الأنساب دون أهل الديوان والحلفاء على الأقرب فالأقرب من بني أبيه ثم من بني جده ثم من بني جد أبيه، فإن عجزوا عن البعض حمل الموالي المعتقون الباقي، فإن عجزوا عن بعض ولهم عواقل عقلتهم عواقلهم، فإن لم يكن لهم ذو نسب ولا مولى من أعلى حمل على الموالي من أسفل، ويحمل من كثر ماله نصف دينار ومن كان دونه ربع دينار ولا يزاد على هذا ولا ينقص منه ".
قال أبو بكر: حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب على كل بطن عقوله وقال: " لا يتولى مولى قوم إلا بإذنهم " يدل على سقوط اعتبار الأقرب فالأقرب، وإن القريب والبعيد من الجاني سواء في ذلك. وروي عن عمر أنه قال لسلمة بن نعيم حين قتل مسلما وهو يظنه كافرا: " إن عليك وعلى قومك الدية " ولم يفرق بين القريب والبعيد منهم، وهذا يدل على تساوي القريب والبعيد، ويدل أيضا على التسوية بينهم فيما يلزم كل واحد منهم من غير اعتبار الغني والفقير، ويدل على أن القاتل يدخل في العقل مع العاقلة لأنه قال: " عليك وعلى قومك الدية ". وكان أهل الجاهلية يتعاقلون بالنصرة، ثم جاء الاسلام فجرى الأمر فيه كذلك، ثم جعل عمر الدواوين فجمع بها الناس وجعل أهل كل راية وجند يدا واحدة وجعل عليهم قتال من يليهم من الأعداء، فصاروا يتناصرون بالرايات والدواوين وعليها يتعاقلون، وإذا لم يكن من أهل الديوان فعلى القبائل لأن التناصر في هذه الحال بالقبائل، فالمعنى الذي تعاقلوا به في الجاهلية والإسلام معنى واحد وهو النصرة، فإذا
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»