وقال إبراهيم رواية: " يفرق بينه وبين الأمة إلا أن يكون له منها ولد ". وقال الشعبي: " إذا وجد الطول إلى الحرة بطل نكاح الأمة ". وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: " لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة ويقسم للحرة يومين وللأمة يوما ". قال أبو بكر: وهذا يدل على أنه كان لا يرى تزويج الأمة على الحرة جائزا إن لم ترض الحرة.
واختلفوا فيمن يجوز أن يتزوج من الإماء، فروى عن ابن عباس أنه قال: " لا يتزوج من الإماء أكثر من واحدة ". وقال إبراهيم ومجاهد والزهري: " يجمع أربع إماء أن شاء ". فاختلف السلف في نكاح الأمة على هذه الوجوه، واختلف فقهاء الأمصار في ذلك أيضا، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والحسن بن زياد: " للرجل أن يتزوج أمة إذا لم تكن تحته حرة وإن وجد طولا إلى الحرة، ولا يتزوجها إذا كانت تحته حرة ".
وقال سفيان الثوري: " إذا خشي على نفسه في المملوكة فلا بأس بأن يتزوجها وإن كان موسرا ". وقال مالك والليث والأوزاعي والشافعي: " الطول المال، فإذا وجد طولا إلى الحرة لا يتزوج أمة، وإن لم يجد طولا لم يتزوجها أيضا حتى يخشى العنت على نفسه " واتفق أصحابنا والثوري والأوزاعي والشافعي أنه لا يجوز له أن يتزوج أمة وتحته حرة، ولا يفرقون بين إذن الحرة في ذلك وغير إذنها. وقال ابن وهب عن مالك: " لا بأس بأن يتزوج الرجل الأمة على الحرة والحرة بالخيار ". وقال ابن القاسم عنه في الأمة تنكح على الحرة: " أرى أن يفرق بينهما " ثم رجع وقال " تخير الحرة، إن شاءت أقامت وإن شاءت فارقت ". قال: وسئل مالك عن رجل تزوج أمة وهو ممن يجد طولا إلى الحرة، قال: " أرى أن يفرق بينهما " فقيل له: إنه يخاف العنت، قال: " السوط يضرب به " ثم خففه بعد ذلك، قال: وقال مالك: " إذا تزوج العبد أمة على حرة فلا خيار للحرة لأن الأمة من نسائه ". وقال عثمان البتي: " لا بأس أن يتزوج الرجل الأمة على الحرة ".
والدليل على جواز نكاح الأمة وإن قدر على تزوج الحرة إذا لم تكن تحته، قول الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) [النساء: 3]، قد حوت هذه الآية الدلالة من وجهين على جواز تزويج الأمة مع القدرة على نكاح الحرة، أحدهما: إباحة النكاح على الإطلاق في جميع النساء من العدد المذكور من غير تخصيص لحرة من أمة. والثاني: قوله تعالى في نسق الخطاب: (أو ما ملكت أيمانكم) [النساء: 3]، ومعلوم أن قوله: (أو ما ملكت أيمانكم) [النساء: 3] غير مكتف بنفسه في إفادة الحكم وأنه مفتقر إلى ضمير وضميره هو ما تقدم ذكره مظهرا في الخطاب وهو عقد النكاح، فكان تقديره: فاعقدوا نكاحا على